ما زلت أقف مندهشاً .. من قدراتهم العالية على التجاوب مع الجميع ، و»نفسيتهم»المطاطة التي تتوسّع بسرعة خرافية وتنكمش في أقل من لحظة بشكل يثير الحسد..
قُبل ، ابتسامات،غمزات،وشوشات، طبطبات، مجاملات، وعود، تطمينات، قراءة عيون، تدفئة أكفّ ، محو الغضب ، التنازل عن الأحقاد ،مسح العتب باللحية ، التغاضي عن التلميحات الجارحة ، غفران الابتزاز المؤقت، القبول بأي شيء ، الحرص على الهدوء، مطّ حدود الشفتين لــ(maximum) عند سماع قصيدة مديح أو وعد بالمؤازرة ، وزمّ الشفتين لــ (minimum) عند الإنصات الى رجل وقور يعطيه خطّة للالتفاف من وراء الجبل وغزو الأقليات والجماعات المحايدة..وجه ملائكي ، مزاج رائق، أخلاق عالية ، حكمة منقطعة النظير، مسامحة «ما الها والي» ، كرم حاتمي..حتى انك لكثرة ما ترى من «مكارم الأخلاق» تتمنى ان يصبح العمر كله انتخابات .
أغبطهم على هذه الروح الجبارة كيف يستطيعون ان يتقلّبوا في ثوانٍ ويتبدّلوا من النقيض الى النقيض دون حاجة الى نقاهة نفسية أو «فلترة» مزاج..كيف يستطيعون ان يجاملوا هذا الكم الهائل من المؤازرين بابتسامات لا تفتر ولا تضعف ولا تتقلّص وكأنهم يرشون على شفاههم «اسبري مثبّت للابتسامة»..كيف لهم ان يميزوا بين من يضحك لهم ويضحك عليهم ، ومن يجني لهم ومن يجني عليهم ، ومن يعد ومن يتوعّد..كيف لهم أن يقرأوا كل هذه الأمزجة والضمائر والتغاضي عن كل طرائق الابتزاز والنفاق واللؤم في القول أو النية ..دون ان «تفقع مرارتهم» او يجن جنونهم، او يظهروا حقيقتهم من ردود فعل طبيعية ؟ كيف يستطيعون ان يكبتوا شعورهم تجاه الآخرين في سبيل عدم خسارة صوت ؟ ..ترى هل يستحقّ الكرسي النيابي كل هذا التحمّل وهذا التعثير؟؟
**
اسمحوا لي ان اختم مقالي على طريقة توفيق البجيرمي صاحب برنامج طرائف من العالم الشهير، حيث كان يختم حلقته بمقولة شبه ثابتة :
هل تستطيع يا رعاك الله أن تفعل مثلهم..أما أنا فلالالالالا استطيع!!.
ahmedalzoubi@hotmail.com
(الرأي)