ترحيل الأزمات عالميا .. مقاومة التغير المناخي مثالا
د. م. محمد الدباس
21-11-2022 10:32 AM
أُختتمت في شرم الشيخ أعمال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP-27) دون تقدم ملحوظ، لا بل فإني وكمتابع عن قرب -ضمن مجال الإختصاص- لمجريات الأمور؛ فإن سِمة "ترحيل الأزمات" من قمة إلى أخرى هي السّمة الأبرز لمؤتمرات الأطراف العالمية المتتالية المتعلقة بالتغير المناخي.
عالميا؛ ففي ظل الأزمات التي تعصف في الاقتصاديات الكبرى حسب توقعات صندوق النقد الدولي لنسب نمو الاقتصاد العالمي، فقد حذّر الصندوق مؤخرا في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية من ركود عالمي في العام المقبل 2023، مؤكدا على أن "الأسوأ لم يأتي بعد".
وبالتالي؛ فإن مبدأ عدم الإلتزام في مبدأ التعويض للخسائر والأضرار البيئية للدول النامية أصبح نهجاً مُسَبّباً في هذه القمة، فأمريكا والصين واللتان تتصدران قيم التلوث البيئي العالمي السنوي تسعيان الى عدم فرض أي التزام قانوني يلزمهما بالتخلص التدريجي من استخدام الوقود الإحفوري كالنفط والفحم والغاز، وبالمقابل فإن دول الاتحاد الأوروبي هي الدول الأكثر مجابهة (عمليا) من أجل مكافحة التغير المناخي، بالرغم من أن أزمة الحرب "الروسية-الأوكرانية الحالية قد أجبرت العديد من دول الإتحاد الأوروبي على حرق الفحم من أجل عبور آمن لهذا الشتاء.
للأسف؛ فمع أن الوقود الأحفوري ما زال حاليا هو المصدر الأساس للطاقة الأولية في العديد من الدول، إلا أن مبدأ التعويض عن الأضرار والخسائر وتمويل التكيف المقر في هذه القمة كان غير كافٍ لمجابهة إجراءات التغير المناخي في الدول النامية، علما بأن العالم يصرف أكثر من 2 تريليون دولار سنويا على التسليح العسكري مقابل عدم ضمان توفير 100 مليار دولار سنويا كانت قد تعهدت بها الدول المتقدمة لصندوق التكيف والتخفيف البيئي، وما يلاحظ حاليا من انبعاثات ملوثة للبيئة وبتراكيز مرتفعة، هو مشهد واقعي أصبح حتميا في الوقت الحالي.
وكخلاصة؛ فإنه يبدو واضحا بأن المواضيع التي تم مناقشتها خلال وقائع هذا المؤتمر؛ كالتمويل والاستثمار والتكنولوجيا، والتشريعات والسياسات والتوعية وبناء القدرات وترابط المياه، والطاقة والغذاء والتنوع البيولوجي، ومحاولات التخلص التدريجي من الكربون، والتحول الطاقوي والتعاون الإقليمي والتمويل؛ كلها كانت مواضيع ذات أهمية، لكن السؤال المطروح من سيضمن -وكما جاء في اتفاقية باريس- إبقاء معدل ارتفاع درجات الحرارة عالميا تحت حد 1.5 درجة مئوية مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، والواقع أن درجات الحرارة وحسب السيناريوهات المتوقعة والمحوسبة للتغير المناخي، تبين بأن درجة حرارة الأرض سوف تزداد بمعدل أعلى من درجتين مؤويتين، مما يعني بأنناجميعا مدعوين للتكيف مع هذه الزيادة في درجة الحرارة، ويتوجب علينا تخصيص بند في الموازنة العامة للدولة، ومن خلال وزارة البيئة والطاقة والمياه ووزارة الإدارة المحلية من أجل مجابهة إجراءات التغير المناخي والحد من آثاره؛ ولعدم الإنتظار أو الإعتماد كليا على المساعدات الدولية، حيث كان من الأولى خلال هذه القمة إطلاق كمٍ من خطط العمل للتعامل مع التغير المناخي الحالي، ولتكون هذه الخطط قادرة على إحداث التغيير المطلوب وتحقيق النتائج بسرعة كبيرة، قبل أن يُفرض الواقع علينا وعلى الأجيال القادمة، علما بأن الدول النامية ونحن منها سنكون أولى ضحايا تهديدات التغير المناخي.
محمد الدباس /عضو مجموعة الخبراء الدوليين في هيئة الأمم المتحدة لمنطقة أوروبا (UNECE) في جنيف