نهض من سريره وهو مفعم بالحيوية ، وأسرع للاستحمام متمتعا بقوة المياه التي تتدفق من الحنفية ، وبعدها تناول فنجان القهوة مع زوجته ، وتبادلا بكل الحب الحديث عن أسرتهم الصغيرة ، وضحكا معا على النهفات التي تحدث مع الأبناء في المدرسة .
خرج من المنزل بصحبة الأبناء ودعوات زوجته تلاحقه ، ركب سيارته وسار بكل هدوء في شوارع عمان، التي غابت عنها الأزمة الخانقة ، وتوقف أمام إحدى البقالات لشراء جريدة الصباح ، ولما عاد ، تصادف وجود مدير الأمن العام " حامي باشا النظام " يوجه الكلام اليه " ارجو أن لا تكرر ذلك مرة أخرى" ، وانطلق بعد أن ارتسمت على وجنتيهه ابتسامه " عذرا لم أنتبه لإشارة ممنوع الوقوف والتوقف " .
وصل إلى مكان عمله في الوقت المحدد ، وجلس مع زملائه في المكتب ، وحضر الوزير ودار نقاش حول أجواء الانتخابات ، وعرجوا على بعض القضايا الوطنية ، وكانت جلسة مليئة بالفكر؛ تناولوا خلالها الحديث عن آخر ما قرأوه ، وأبدوا مضايقتهم وانزعاجهم للممارسات التي يقوم بها البعض ، والتي تظهر عدم مسؤوليتهم اتجاه بلدهم .
بعد نصف ساعة ، بدأ المراجعون بالتوافد لإنهاء معاملاتهم ، وكان الجميع ملتزما بدوره مصطفا بهدوء تسمع من خلاله دبيب النملة ، ومع نهاية الدوام كانت جميع المعاملات قد انجزت من فوق الطاولة ، ولا مكان لتلك التي تنجز من تحت الطالة .
غادر المكتب وتوجه إلى سوق الخضار المركزي ، ووجد هناك وزير الزراعة معالي " زارع على الفاضي " ، تناول الأكياس وأخذ يعبئها بأصناف الخضار والفواكه المختلفة ، وهو يتبادل أطراف الحديث مع معالي "على الفاضي " حول السياسة الزراعية الناجحة التي تنتهجها الوزارة .
توقف أمام سلطة المياه ، وداعب معالي وزير المياه والري "خاوي أبو نبعه" وهو يدفع ستة دنانير عن فاتورة ثلاثة أشهر بقوله : ما في سياسة تخفيض أثمان المياه ، مثل ما في سياسة ترشيد الاستهلاك.
وعرج في طريق العودة على شركة الكهرباء ، والقى التحية على وزير الطاقة معالي" ضاوي أبو شعلة "ودفع فاتورته الشهرية" أم ثمانية دنانير إلا ربع" ، إلا أن الموظف لم يكن معه " فكه " ، ابتسم وهو يقول للموظف : يا زلمه خليها برصيدي للشهر القادم .
وذهب الى مصلحة التليفونات ، ودفع دينارين ثمن مكالمات "أم العيال " مع أهلها الذين يقطنون إحدى المحافظات القريبة ، وعرج أثناء خروجه على مكتب معالي وزير الاتصالات "علامة أبو رنه "، وقدم اعتراض على رفع تعرفة أسعار المكالمات الداخلية .
بعد يوم احس انه انجز فيه كل معاملاته ،أصطحب الأطفال من المدرسة ، وتناول مع اسرته صينية اللحمة بالبصل والبندوره ، وأخذ قيلولة المساء ...
وفجأة .. خرج صوت كالصاعقة على رأسه " هيه .. أبو محمد ، شو مالك أنطرمت .. صار لي ساعة بصحي فيك ، قوم قوام ، وصل العيال على المدرسة " .
ويبقى الحلم الأردني ... مستمرا"
Jaradat63@yahoo.com