باحالة ملف مؤسسة موارد الى مكافحة الفساد تكون حكومة الرفاعي قد تخلصت قبيل دخولها مجلس النواب رسميا من احد ابرز الملفات التي اثارت جدلا في الشارع العام, على اعتبار ان ما احتواه التقرير المالي عن المؤسسة كان قد حدث في سنين خلت مرت على حكومات عدة لم تحرك ساكنا تجاه موارد.
ليس من المناسب الحديث عن تفاصيل ما حدث في مؤسسة موارد, فالجهات القضائية الرسمية باشرت التحقيق ودراسة الملف وسيتم الاعلان قريبا عن نتائج التحقيق تمهيدا لمواصلة بقية الاجراءات الرسمية, الاهم في الموضوع كله بالنسبة لي شخصيا هو ان السلطة المطلقة لا يمكن ان تولد الا فسادا مطلقا حيث توجد, تلك الدروس للاسف لم نتعلمها في الاردن الا بعد حدوثها, وهذا مرتبط اساسا بغياب مفهوم الرقابة والتقييم المؤسسي الذي يشكل جزءا من عملية انذار مبكر لاية تشوهات تصيب العمل ايا كان موقعه.
قصة موارد وكيف حدثت الآن لم تعد مهمة, فالشارع بانتظار تحصيل حقوق الخزينة وضمان عدم ضياعها كغيرها من الحقوق التي ضاعت على الاردنيين وطويت ملفاتها في ادراج المسؤولين.
لم تكن موارد لتكبر بهذا الشكل وتنمو في اعمالها شواهد الاختلالات والتجاوزات لولا تستر مسؤوليها بغطاء مرجعيات عليا روجوا امام الحكومات بانهم تلقوا الضوء الاخضر منها لتنفيذ تلك الاعمال, والحقيقة ان هذه الظاهرة كانت تنمو يوما بعد يوم من قبل مسؤولين تساقطوا على الدولة ومؤسساتها بالبراشوت, ووجدوا انفسهم امام سلسلة متكاملة من القوانين وهيئات الرقابة, فخططوا لانهاء حالة توحد الدولة باختلاق مفاهيم جديدة للقطاع العام, ونجحوا فعليا في احداث خلل في كل مؤسسات العمل الرسمي, وتجاوزوا على الدستور وخلقوا المناطق الخاصة بانظمة خاصة لها حتى يحلو لهم العمل دون رقابة او مساءلة الجهات الرسمية كما انهم اسسوا هيئات مستقلة رديفة للوزارات, وشتتوا العمل العام, وبعثروا الموارد المحدودة التي وظفوها لصالحهم, وادخلوا الشركات الاستشارية الاجنبية لادارة عملية الاصلاح التي زرعوها في الدولة عنوة, وكأنه لا توجد في الاردن مؤسسات ولا جامعات وكوادر بشرية اهلت دولا كثيرة في العقود الماضية.
للاسف إن ما سمي بالاصلاح في العقد الماضي ولد مأسسة جديدة للفساد في الدولة وبطريقة باتت للمراقبين كما لو انها رسمية, لذلك نسمع عن فساد في كل مؤسسات القطاع العام, ولغاية الان لم تتوجه الحكومات الى القضاء باحالة اية قضية فساد تقنع الرأي العام بتفاصيلها وواقعها.
عمليات الفساد التي شهدها الاردن في السنوات الاخيرة كانت اقرب للخيال, لكنها للاسف كانت واقعا فعليا, فكانت ظواهر الفساد منتشرة الى حد الجنون لدرجة ان البعض كان يعتقد ان هناك تسابقا بين بعض المسؤولين لنهب الثروات بمختلف الطرق والوسائل.0
العرب اليوم
salamah.darawi@gmail.com