في دارنا «مخزن» صغير معتم وبائس يحتوي على كراكيش الدنيا كلها..حتى باتت تترسّخ لدي قناعة بأن كل الأشياء ذات الفائدة في العالم هي خارج هذا «الحاصل»..
حاولت في مرّات قليلة التخلّص من هذه التوالف، لكنّي كنت أواجه بعبارة «حوينة عليهن، بنعتازهن»..كنت أقف حائراً أمام هذه القطع الأثرية ، علّي أن أجد سبباً مقنعاً للاحتفاظ بها غير عبارة «حوينة عليه» فلم اجد .
مثلاً هناك في مخزننا: اذن طاسة، سلك مكوى، ساعة مي خربانة، ايد ابريق شاي، هيكل مرآة سيارة، عصا «طورية» مكسورة ،ستيرنج، علبة مبيد حشري انتهت صلاحيته 1982، ابزيم زنّار، فرشاية دهان يابسة بربيش غسّالة مقطوع، غطاء روديتر، دفاتر رسم لي ولإخواني قبل ربع قرن، فتلة صوبة ،كيس مليء بـ» بلفات عجال»، نصف مروحة سقفية لكنها على الأرض.. وغيرها..
منذ الطفولة كلما حاولت ان ألمس احدى هذه الكراكيش، كنت أسمع العبارة الناهية «دشّر، حوينة عليه، بنعتازه «.. وها قد بلغت من العمر عتيّاً..ولم أشعر بأن الذي «حوينه علي» ..سوف نعتازه ولو بعد مليون عام..الغريب أنني لا شعورياً بدأت بتوريث أبنائي نفس العبارة..فحتى الأقلام المكسورة والحقائب المقطوعة والأحذية البالية آمرهم ان يضعوها في المخزن من منطلق: «حوينة عليهن بنعتازهن».
**
لا أدري ما الذي ذكرني بهذه العبارة الآن..ربما لأنني أشعر هذه الأيام بأن فمي مخزن صغير معتم بائس مليء «بكراكيش» الكلام...
ahmedalzoubi@hotmail.com
احمد حسن الزعبــــــــي