ماذا سيحدث مع السوريين في تركيا؟
ماهر ابو طير
15-11-2022 12:28 AM
السوريون في تركيا لا ينقصهم، الا تفجير تقسيم، لتشتد الحملات ضدهم وهي الحملات التي يعيشونها أساسا، بسبب تراجع الوضع الاقتصادي في تركيا، وكأن الشعب السوري تنقصه مصيبة جديدة، تضاف إلى سجل النكبات التي تتنزل عليه، في سورية، ودول مختلفة في هذا العالم.
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المقرر تنظيمها في حزيران 2023، ستكون فاصلة هذه المرة، لانها تأتي على خلفية أوضاع اقتصادية صعبة، وموجات غلاء، وتراجع سعر صرف الليرة التركية، إضافة إلى وجود تيارات سياسية تركية تعمل ضد الرئيس التركي، وضد حزب العدالة والتنمية.
المستفيدون من تفجير تقسيم، ليسوا طرفا واحدا، بل عدة أطراف، ابرزها ربما إسرائيل التي برغم التقارب الشكلي مع تركيا، الا انها لا تنسى المواجهة والتحدي اللتين مارستهما انقرة ضد الإسرائيليين، وهذه هي طريقة الإسرائيليين، اي التقارب علنا، وتصفية الحسابات سرا، عبر واجهات بديلة، لا تؤشر أساسا على وجود اختراقات من جهات ثالثة، كما في قصة حزب العمال الكردستاني.
والمستفيدون أيضا جهات داخل تركيا، يريدون اضعاف النظام الرئاسي الحالي، وإظهار هشاشته امنيا، والتعبئة ضده قبيل الانتخابات، كونه لم يعالج ملف السوريين وفتح تركيا للملايين، من جهة، ولم يعالج ملف الأكراد بشكل نهائي، وهذا يعني ان عملية التفجير وان نفذتها امرأة سورية، الا انها كانت تصب في الحسابات النهائية لصالح اطراف مختلفة، بعضها تركي وبعضها غير تركي.
التفجير اساسا وان جاء نهاية موسم الصيف، إلا أنه يهدد السياحة، والحركة الاقتصادية، كون الملايين الذين يسافرون إلى تركيا يخافون من حوادث متتالية قد تقع في أي فترة لاحقة.
لكن قصتنا هنا، هي قصة السوريين، وهم يذكرونني هنا بقصة الفلسطينيين في لبنان، حيث كان كل من اراد من السياسيين اللبنانيين تصفية حسابه مع أحد، يبحث عن جهة فلسطينية، او قاتل فلسطيني، ليتولى المهمة، وفي حالات كان يتولاها وهو لا يعرف لمن يعمل نهاية المطاف، إذ في أغلب الحالات كان التورط هنا، يأتي تحت عناوين مضللة تخفي هوية المستأجر الاصلي، فيما تنفجر موجات الغضب اللبناني ضد الفلسطينيين، الى درجة ان اي حادث يقع، يكون الاتهام الاولي فيه، قبل التدقيق، مرتبطا بفاعل فلسطيني مجهول الهوية، او يتوجب البحث عنه، بشكل أو آخر، لان البقية جميعهم ملائكة، لولا الوجود الفلسطيني في لبنان، الذي افسد الجنة على اصحابها.
اليوم تشتد الحملات ضد السوريين، حتى لو كان هناك جذر كردي، لان القصة نهاية المطاف ترتبط بهوية الفاعل، والسؤال الذي سوف يستثمر فيه خصوم اردوغان، ومن يكرهون السوريين في تركيا، يتعلق بالضمانات الموجودة اصلا حول ان لا يكون أي شخص سوري بريء، مجرد قاتل خفي سيتم استئجاره، في أي لحظة، وفي هكذا موجات تنعمي الابصار والبصائر، وتهب موجات الكراهية ضد الأشقاء السوريين بشكل عام، دون تفرقة او تمييز بين مجرم وبريء، في تركيا.
هذا يعني ان تفجير تقسيم سيتم توظيفه سياسيا، لاعتبارات داخلية، ترتبط بالصراع على السلطة في تركيا، وسيدفع السوريين مجددا الثمن، المرة الأولى حين خسروا بلادهم، والمرة الثانية حين يجلسون تحت وابل الاساءات والاتهامات والشكوك، التي سبقتها موجات تحريض بعنوان يقول ان السوريين يأكلون مال الاتراك، وينافسون على ارزاقهم، وغير ذلك من تهم باطلة.
قد يكون التعميم هنا، خطيئة، لان التركي نهاية المطاف مجرد إنسان، تتحكم به مشاعره، ونجد بين الاتراك من يحسن الى السوريين ولا يقبل جرهم الى هذه المهالك التي يتم احماء النار فيها ضدهم، وهم في غالبيتهم من الابرياء، والذين باتوا اصلا يواجهون إجراءات معقدة بشأن وجودهم ترتبط بالاقامة، وحتى بحصرهم في مناطق تواجدهم، ومنعهم من الحركة من منطقة الى منطقة دون اذن مسبق، والتعبئة اليومية من اجل ترحليهم الى سورية، برغم المخاطر القائمة فيها.
في مرات يتأمل المرء الذي يجري، ويجزم ان احتراق المرء وأهله وبيته في وطنه، أحسن بكثير من فكرة اللجوء، الذي قد يبدو آمنا لوهلة، لكن لا ضمانات ان لاينقلب إلى جهنم الحمراء.
لكم الله وحده ايها الاشقاء.
(الغد)