يعجبني بك قولك للواقع .. !
فهد خشمان الخالدي
14-11-2022 06:11 PM
مَررت قبل عدة أَيام بالقرب مِن مجموعة من الأَشخاص بينهم إِمرأَة، يقفون في أَحد الأَماكن في العاصمة عمان، فطرق سمعي (رغماً عني) عبارة قالتها تلك المرأَة لأَحد الواقفين، حين قالت له: (يعجبني فيك إِنَّك تحكي الواقع) ..! وحيث أَنني كنت سائراً، فإِنني لم أَسمع غير هذه العبارة ..! وبطبيعة الحال، أَنا لا أَعرف أَياً منهم، ولذلك فإِنني أَجهل مكنون ما قيل للرجل ومدى مصداقيته ..! فقد تكون هذه المرأَة مِن هواة الإطراء والمُجاملة..! وقد تكون أَظهرت الحقيقة في كلامها..! وعلى جميع الحالات فإِن صاحبنا سَيطرَب حتماً لهذا الكلام، إِن كان يتّصف بهذه الصفة أَو كان على عكس ما قيل..!.
في حقيقة الأَمر، فإِنَّ واقعنا مليء بأَمثال هذه الصور ..! فهناك مَن يتَّصف بـ (ضَخّ) الإطراء بكل الإتجاهات..! الأَمر الذي يدعوك إِلى التساؤل إِن كان الشخص المُقابل يستحق هذا الإطراء أَم لا يستحقه..؟! كما يدعوك إِلى تساؤل آخر إِن كان المُتكلم يتَّخذ مِن أُسلوب الإطراء والمُجاملة والمُداهنة وسيلة لكسب ودّ الشخص المقابل أم لا..؟! كما أَنَّكَ قد تجد على الزاوية الأُخرى مِن ذات المشهد مَن يحاول إِظهار أَنَّه يتكلم الواقعية دائماً، وبأَنَّهُ لا يخاف في قول كلمة الحقِّ لومَة لائم..! بالوقت الذي قد تجده ينتقي مَن يقول فيه رأَيه إنتقاءً؛ بُغيةَ تحقيق منفعة ما مِن الشخص الآخر..! وهكذا دواليك، إِلى أَن نصل إِلى تلك الحالة التي (يندمج) فيها الشخص الممدوح فيما أُلقي إِليه مِن صفات؛ فيغوص في أَعماق شخصية ربما لا تَمُتُّ إِلى شخصيته بأَيِ صلةٍ على الاطلاق..!.
إِنَّ الفَيصلَ في الأَمر دائماً وأَبداً هو التاريخ الذي تسطَّر به صفات كل إِنسان..! فالمُجاملات الزائفة لابد أَن يُبطلها الحقُّ في يومٍ ما إِن كان التاريخ لا يُسعف أَيٍ من الطرفين أَو كلاهما..! فقد يستطيع البعض المراوغة والخداع لفترة ما ..! إِلَّا أَنَّه لابد وأَن تسقط تلك الأَقنعة بمُجرد أَن يكون التاريخ حاضراً في وقتٍ ما..! فاِبحثوا دائماً عن تاريخ الطرف الآخر؛ كي تتضح لديكم صورة حاضره أَكثر ..!.