الحكومة تشجع على التصويت والناخب متردد
باتر محمد وردم
23-10-2010 03:29 AM
قبل حوالي عشرين يوما من الانتخابات النيابية ، يجد المتابع للحالة الأردنية وضعا فريدا واستثنائيا لمعادلة الانتخاب حيث تقوم الحكومة بجهود مكثفة لرفع الثقة بنزاهة الانتخابات ودعوة الناخبين للتصويت ، بينما لا تزال توجد شكوك لدى نسبة من الناخبين ومحاولات للدعوة الى مقاطعة الانتخابات ، فما الذي أوصلنا الى هذه الحالة وكيف يمكن التعامل معها؟
لا بد من أن نكون منصفين ونقول بأنه بغض النظر عن موقفنا من فلسفة قانون الانتخاب (صوت واحد أو صوتين أو قائمة نسبية) فان الجهود التي قامت بها الحكومة في تعزيز الشفافية والنزاهة تعتبر متميزة خاصة في اطار نشر اللوائح الكاملة للناخبين والسماح بالطعون وتجريم العديد من الممارسات السلبية في القانون الجديد ، ومن الواضح أن الحكومة ترغب في استقطاب أعلى نسبة ممكنة من الناخبين من خلال خطط لتحسين خيارات وأدوات النزاهة ولكن الحال ليست مثالية.
يمكن القول بأن الناخبين في الأردن ينقسمون الى أربع فئات. الفئة الأولى مرتبطة عشائريا وربما اجتماعيا واقتصاديا ببعض المرشحين مما يجعلهم الأنشط في الانتخاب والدعاية والتصويت ، ومن المفارقات أن سياسة النزاهة الحكومية في اعادة عشرات الآلاف من الأصوات المهاجرة الى مواقع سكنها واقامتها قد تساهم في عزوف هؤلاء عن انتخاب المرشحين المرتبطين بهم مما قد يساهم في تدني نسبة الاقتراع ، بدون أن ننسى المقاطعة الحزبية التي تقودها جبهة العمل الاسلامي. القسم الثاني من الناخبين يشعر بالاحباط نتيجة أداء مجالس النواب السابقة ولا يؤمن بامكانية حدوث تغيير حقيقي خاصة مع التكرار الغريب لأسماء عشرات المرشحين من البرلمان السابق المنحل وبعض النواب السابقين من اصحاب الأداء المتواضع وعدم القناعة بكفاءة وقدرة معظم المرشحين ويعتقد هؤلاء بأن المجلس الجديد سيكون استنساخا للسابق وبالتالي لا يجدون رغبة في ممارسة حق الانتخاب. الفئة الثالثة هي غير الراضية عن قانون الانتخاب والتي تتباين في طيف واسع من اصحاب الآراء المختلفة بداية ممن يطمحون بقانون انتخاب يعتمد القائمة النسبية وانتهاء بمن ينتقدون القانون الجديد لاضافة مقاعد جديدة الى المدن ويعتبرونه خطوة نحو ما يسمى المحاصصة والتفكيك. أما الفئة الرابعة فهي ببساطة غير معنية بكل الحراك الانتخابي والسياسي ولا شيء يمكن أن يحركها للذهاب الى قاعة الانتخاب أو ممارسة اي نشاط سياسي وعمل عام في أي قطاع.
المعطيات الحالية تشير الى أن الحكومة سوف تتمكن من ايصال الانتخابات الى بر الأمان ، ربما باستثناء المناوشات والشجارات التي قد تندلع بسبب النتائج والتنافس الحاد بين المرشحين وأنصارهم في بعض الدوائر وهذا ما بدأنا نلمس تداعيته منذ الآن. ولكن على الصعيد السياسي العام قد تتمكن الحكومة من ازالة آثار الانتخابات الماضية في حال أظهرت حرصا وحزما نحو ضمان النزاهة ومنع شراء الأصوات والتدخلات الخارجية وتكرار التصويت وهذا ما سيؤسس حالة أكثر ايجابية لانتخابات المجالس المحلية المنتظرة في العام القادم ضمن سياق اللامركزية وكذلك الانتخابات النيابية القادمة ، ولهذا نتمنى بالفعل أن تضع الحكومة النزاهة في مرتبة أعلى من نسبة التصويت في الانتخابات ، وفي حال تمسكت بالنزاهة سوف تجد الكثير من الثناء على حسن ادارتها للعملية الانتخابية بغض النظر عن نسبة الاقتراع ، أما فيما يتعلق بنوعية أداء المجلس فانه من المنطقي عدم رفع سقف التوقعات كثيرا.
batirw@yahoo.com