غياب المسؤولية الاجتماعية عن عاصمة السياحة العربية مأدبا
م. وائل سامي السماعين
14-11-2022 10:41 AM
بالرغم من الفرص الكبيرة التي تعطى وتتاح للمستثمرين الأجانب او المحليين من الشركات بكافة اشكالها مثل الاتصالات، والمؤسسات المالية كالبنوك وغيرها، والتي مكنتهم من جني ثروات هائلة من المجتمع الاردني ،الا ان اغلبيتها ليس لديها اي مسؤولية اجتماعية اتجاه المجتمعات المحلية ، على اقل تقدير لم اقراء او اسمع عنها.
وهذا الغياب شبه التام اتجاه مسؤوليتهم الاجتماعية، يشكل خيبة امل لدى المواطنين ،واستياء شعبي من تلك الشركات التي لا تقوم بخدمة المجتمعات المحلية، التي هي الأكثر معاناة في الازمات الاقتصادية ، علما ان بعض العمليات التشغيلية لتلك الشركات او المصانع، لها اثار جانبية سلبية، وبيئية على تلك المجتمعات.
الكثير من المواطنين الأردنيين ، لا يشعرون بأهمية الاستثمار في الاردن ، لانهم لا يلمسون فوائد الاستثمارات بطريقة مباشرة على ارض الواقع ، بسبب غياب المسؤولية الاجتماعية لبعض هؤلاء المستثمرين ، فعشرات او حتى مئات الملايين ، تجنيها تلك الشركات والبنوك وتذهب بها للخارج ، ولكن العوائد المادية على المجتمعات المحلية من خلال المسؤولية الاجتماعية تكاد لا تذكر .
الكل يعلم، ان المسؤولية الاجتماعية هي عملية أخلاقية، تفرض على الأفراد او الشركات الالتزام بالعمل لصالح المجتمع ككل ، والمجتمعات المحلية بشكل خاص . ومن بين هذه المسؤوليات ، المحافظة على البيئة ، والمسؤولية الأخلاقية اتجاه تنمية المجتمعات المحلية مثل توفير التدريب لابنائها ، وتوفير فرص العمل لهم بافتتاح مكاتب لها في تلك المجتمعات المحلية ، والمسؤولية الاقتصادية مثل المساهمة في بناء المستشفيات والمراكز الصحية ، والمدارس وغيرها من المرافق الحيوية ، ودعم الجامعات والمدارس وتدفئتها ، ومساعدة الطلاب المتفوقين من العائلات الفقيرة ، ومساعدة المواطنين من ذوي الاعاقة ، بتوفير الرعاية الصحية ، والاجهزة التي تمكنهم من العيش بكرامة .
ومما يؤسف له أيضا، ان معظم الشركات المحلية ليس لديها قيم منشورة على مواقعها الالكترونية ، مثل اهتمامها وتبنيها قضايا تهم المجتمعات المحلية ، خصوصا خارج العاصمة عمان ، لان معظم هذه الشركات تهتم فقط في قضايا محصورة في فئة ضيقة جدا ، وهذا يعكس ضيق افق اصحاب هذه الشركات ، لان مسؤوليتها الاجتماعية ربما تقتصر على الفئة الاجتماعية لأصحاب هذه الشركات.
في أمريكا مثلا، لا يوجد قانون ملزم للشركات اتجاه المسؤولية الاجتماعية ، ولكن ينظر اليها على انها الزامية بسبب توقعات المستهلك ، ومعايير العمل الاخلاقية ، حتى ان بعض الباحثين على الوظائف ، ينظرون الى قيم الشركة واهتمامها بمسؤوليتها الاجتماعية ، لتحديد ما اذا كانوا يرغبون في العمل لدى تلك الشركة او لا.
خذ عل سبيل المثال ، عاصمة السياحة العربية مأدبا، التي تساهم بشكل كبير في الناتج القومي الأردني بسبب مكانتها على الخارطة السياحية المحلية والعربية والعالمية ، لم تحظى باي دعم مادي بعد حصولها على اللقب كعاصمة للسياحة العربية ، من أي من المؤسسات المالية او البنكية او الشركات او من كبار التجار او المستثمرين او القطاع الخاص او غيرهم ، من اجل دعم خططها وبرامجها التي تخدم قطاع السياحة أساسا ، والتي تعود بالفائدة على جميع القطاعات الخدماتية في الأردن، من شركات الطيران والمكاتب السياحية والفنادق والمطاعم وغيرها الكثير ، وكذلك لم تتلقى اي دعم مالي لتزيين شجرة الكريسماس ، الا تستحق عاصمة السياحة العربية الدعم المالي ؟
اضاءة شجرة الكريسماس في مادبا او الفحيص او المغطس في نهر الأردن المقدس ، تعني عمليا مردود مالي يقدر بمئات الملايين من عوائد السياحة على مختلف القطاعات في الاردن ، فهذا الحدث سيلفت انتباه السواح في العالم ، ويحثهم لزيارة الاراضي المقدسة في الأردن . فلماذا لا نعمل على اقامة احتفال ، و اضاءة اكبر شجرة كريسماس في العالم في المغطس في نهر الاردن المقدس، لتتناقله وسائل الاعلام العالمية ، ويصبح حدثا مميزا في الاردن .؟
لقد حان الوقت ان يقتطع 1% من صافي ارباح الشركات التي لا تخدم المجتمعات المحلية ، لتمويل برامج المسؤولية الاجتماعية نيابة عنها ، وهذا مطلب شعبي قديم حديث ، ومن المعقول جدا ان يكون من ضمن اوليات الحكومات الأردنية. واما الشركات التي تقوم بواجبها الاخلاقي اتجاه دعم المجتمعات المحلية من خلال مسؤوليتها الاجتماعية ، يجب ان تحظى بالمشاريع الحكومية ويكون لها الأفضلية.