أن يكون نتنياهو بكل سياساته العدوانية موجودا في حكم إسرائيل فهذا ليس جديدا، فقد كان رئيسا لوزراء كيان الاحتلال في فترة هي الأطول منذ إقامة هذا الكيان، وكان للأردن تجربة مع سنوات طويلة منذ عام 2009 وحتى عام 2021، كانت تجربة ومرحلة قاسية وصعبة وخاصة عندما كانت سياسة ترامب تخدم نتنياهو، فكان قرار نقل سفارة أميركا إلى القدس وكانت صفقة القرن، وكان نجاح نتنياهو واضحا في توسيع شبكة علاقاته في العالم العربي والإسلامي رغم كل ما كان يفعل بحق القضية الفلسطينية.
وعندما يعود نتنياهو اليوم فهذا يعني تجدد المرحلة الصعبة على القضية الفلسطينية، وأيضا مرحلة قاسية فيما يتعلق بالقدس والمقدسات فضلا عن العلاقات الثنائية التي وصلت في عهد نتنياهو السابق إلى أدنى المستويات من الجمود والتردي.
لكن الجديد ان الحكومة المتوقعة لنتنياهو ستضم أعضاء وأحزابا عنصرية وارهابية تجاه كل ما هو عربي وايضا تجاه القدس، ورغم كل عدوانية نتنياهو الا انه يعبر عن نفسه بخطوات قوية لكن ما تفعله العناصر العنصرية الجديدة سيكون مؤذيا لنتياهو داخل كيانه، وربما تفرض عليه طريقة عمل لا تتناسب مع طريقته في إدارة الامور.
ما يعني الأردن ليس التفاصيل بل ان سياسة نتنياهو العدوانية المعروفة ستضاف إليها عنصرية وارهاب الاحزاب الجديدة في الائتلاف الحاكم وهذا يعني زخما اكبر للعدوانية على القدس ومقدساتها.
القليل من الأمل الذي كان حاضرا قبل انتخابات الكنيست بأن تفرز حكومة يمكن أن تنطلق معها عملية تفاوض فلسطينية إسرائيلية مع بداية العام القادم، هذا القليل تلاشى وأصبح خيالا، واصبحت الاولوية درء مفاسد المرحلة المتخمة بالتطرف السياسي والعنصرية والاستفزازات.
كما أشرت، فإن الأردن لا يمكنه ان يقبل بنهج نتنياهو وترامب الذي يقوم على تجميد المسار السياسي للقضية الفلسطينية وما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني وتنشيط مسار التعاون الاقتصادي اقليميا، بل والضغط على الجانب الفلسطيني لإرغامه على القبول بثمن اقتصادي وخدماتي مع تأجيل كل ما يتعلق بالجانب السياسي، الأردن لا يمكنه أن يذهب في هذا المسار الذي رفضه خلال الفترات الماضية، ولهذا فخياره السياسي سيبقى أولوية فتح مفاوضات جادة لإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه.
لكن المرحلة القادمة لن تدعم الخيار الأردني ولهذا ستكون مرحلة مواجهة سياسات حكومة نتنياهو وائتلافه العنصري، ومؤكد أن الأردن بدأ بالاستعداد لمرحلة مواجهة سياسية صعبة خلال السنوات القادمة، وربما هنالك محاولات للاستعانة بقوى دولية واقليمية لتكون في مواجهة القادم.
قد يكون وجود ادارة اميركية ديمقراطية من عوامل مساعدة الاردن على مواجهة المرحلة وخاصة ان العلاقة بين نتنياهو وبايدن ليست كما بينه وبين ترامب، وهذا قد يوفر للأردن جهة ضاغطة على حكومة اسرائيل القادمة.
وفي الإقليم هناك دول تربطها علاقات جيدة مع نتنياهو يمكن ان تقوم بشيء ما فضلا عن الاوروبيين والفاتيكان وبريطانيا وخاصة في ملف مقدسات القدس.
وحتى داخل اسرائيل فان هناك مؤسسات مثل المؤسسة العسكرية ترى في علاقة هادئة مع الأردن ضرورة، وهناك قوى كانت تعتبر سياسة نتنياهو التي دفعت بالعلاقات مع الأردن الى البرود والتوتر ضارة بمصالح اسرائيل.
واضح أن الأردن بدأ يستعد مبكرا للمرحلة القادمة لكنه يدرك ان هناك جزءا من المرحلة سيواجهه وحيدا بأدواته وبالطريقة التي كانت خلال فترة نتنياهو ترامب السابقة، وانه رغم قسوة المرحلة سياسيا لا يمكنه مغادرة قناعاته ومصالحه الكبرى في ضرورة ان يأخذ الفلسطينيون حقوقهم الوطنية، وان يكون السلام الاقليمي جزءا من مسار سياسي وليس معزولا عنه.
(الغد)