لم نسمع الرد الاردني الرسمي على تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس باستعداده للتنازل عن المطالب التاريخية في فلسطين ، مقابل قيام دولة فلسطينية.
الاردن شريك اساسي في الحل النهائي ، لان هناك قضايا تمسه مباشرة ، من الرعاية الدينية للقدس ، مروراً بملف اللاجئين والنازحين ، وحق العودة والتعويض ، وصولا الى تعويضات الدولة ، وغير ذلك من قضايا.
ملايين الاردنيين من اصول فلسطينية لهم حقوق في الحل النهائي ، اقلها حق العودة ، فعلى اي اساس يدعي عباس انه مستعد للتنازل عن المطالب التاريخية ، وبأي حق يقفز عن التنسيق مع الاردن في هذا الشأن؟؟
السؤال المهم: ماهي خطة الاردن الاستراتيجية للتعامل مع هذا الوضع ، فشل كل شيئ يخص عملية السلام ، وبماذا يعّلق الاردن الرسمي على هكذا تصريحات ، خطيرة ، وجد خطيرة ؟.
الرئيس عباس هو الذي طبخ "اوسلو" التسعينات ، وهي "اوسلو" التي تسببت بغضب في عمان ، لانها جرت سراً ، وخرجت نتائجها بشكل مفاجئ ، انذاك.
مسؤول اردني يقول حين تسأله عن مدى الثقة بعباس وانه لن يمرر "اوسلو" جديدة ، على حساب الاردن وفلسطين ، يجيبك ان عمان واثقة لانها تتلقى معلومات مفصلة من الفلسطينين ومن اطراف عربية ودولية عما يجري.
برغم هذا الكلام الجميل سألنا قبل اسابيع وزير الخارجية عن ادوات الاردن لحفظ مصالحه تجاه مايجري ، ومصالح الناس ، وكان توقيت السؤال قبيل العودة للمفاوضات النهائية بأيام فقال كلاماً عاماً ، دون تحديد ادوات معينة ونافذة لمنع اي مساس بحقوق الناس.
يأتي الرئيس عباس دوماً الى عمان ، ويقيم فترات ويغادر ، ويضع الاردن بصورة مايريده من معلومات ، لكنه يخرج بشكل مباغت ليرسل رسائل خطيرة تمس حقوق الشعب الفلسطيني في العودة ، وحق الاردن تجاه مواطنين من مواطنيه.
يسّرب مسؤولون في السلطة ان اسرائيل في احسن الحالات سوف تسمح بعودة خمسة الاف فلسطيني الى فلسطين ، وفي حالات يقولون ان اكثر ماسيحصل عليه الفلسطينيون في العالم جوازات فلسطينية معترف بها رسميا ، تسمح لهم بحياة طبيعية دون العودة الى فلسطين.
يبقى السؤال:ماهي خطة الاردن الاستراتيجية للتعامل مع هكذا وضع وهو وضع ينذر بانفجارات مقبلة ، خصوصاً ، ألا حلول سلمية ، ولامفاوضات مباشرة وغير مباشرة ، ولااحد يريد مقاومة ، وكأن المنطقة كلها تنتظر الذي سوف يقرره نتنياهو.
اخطر مايمكن تصوره هو خروج صفقة الى العلن ، نباغت جميعا بنتائجها ، وهي مباغتة لن تنفع معها التأوهات والاهات.
المطالب التاريخية التي يستعد عباس للتنازل عنها ، مطالب تتعلق في زاوية من زواياها ، بحقوق لاردنيين من اصول فلسطينية ، وبحق الدولة الاردنية ، في حفظ حقوقهم ، وحفظ حقوقها هي ايضا ، ازاء معادلات كثيرة ، وحسابات كثيرة في الداخل الاردني.
تصريحات عباس الاخيرة ، دليل على ان الرجل يلعب وحيداً ، وعلى استعداد لتوليد "اوسلو" جديدة ، وسيكون من المذهل ان يفاجئ بها الاردن برغم ان له تجربة سابقة تفرض عليه ان يسأل عباس عن معنى كلامه ، واذا ماكان هناك شيئ في الخفاء يتم طبخه.
الصمت على كلام عباس صمت غير مريح ابداً.
الدستور
mtair@addustour.com.jo