أزمة قيادة التغيير وإدارة التغيير
د. ثابت النابلسي
09-11-2022 10:16 AM
"التغيير هو الثابت الوحيد "هيراقليطس" بهذا التعبير أود التاكيد على أهمية ما نواجهه اليوم في عالمنا من المتغيرات والتي يتطلب منا جميعا أن نكون مواكبين كي نستطيع أستثمار كل الفرص المتاحة وتحويلها الى عملية مستدامة .
وبهذا المعنى فان أهمية توضيح بعض المصطلحات العلمية والمعرفية التي نتداولها مهم جدًا، وحيث إن المصطلح الاول الذي يجب علينا جميعا فهم ما يحمله من أبعاد هو التغيير.
فما هو التغيير؟ .
هو الانتقال من الحال الموجود الى حال أفضل منه، أي انه الانتقال للأفضل.
ولكي يكون هناك تغيير حقيقي يجب ان تتوفر المقومات التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك وأهمها قيادة التغيير وادارة التغيير.
ولكل منهم مهمته الخاصة به وآلية العمل التي يقوم بها ، وللتعرف على قيادة التغيير حيث تتلخص في إيمان القائد بأهمية التغيير والعمل على قيادة مسيرة التغيير فيكون هو الملهم والموجه والداعم للتغيير المطلوب، في الوقت نفسه يجب عليه أن يكون متمكنا مما يقوم به ولديه القدرة على قيادة فريق العمل برؤية واضحة ومهام محددة ضمن إستراتيجية وخطط قابلة للتطبيق من قبل فريق العمل.
هنا يأتي دور إدارة التغيير بالاستجابة السريعة للقيادة، ويجب أن يكون فريق العمل يؤمن بأهمية التغيير الذي يسعى الجميع لتحقيقه، حيث يقوم الفريق بالسير بإجراءات ادارية وفنية تسهل من عمليات التغيير ونشر رؤية جديدة يتبناها الجميع.
ولأن التكامل بين قيادة التغيير وإدارة التغيير مهمه ، فقد كان هناك عدد من النظريات الادارية التي تحدث بها بعض العلماء ومن أهم هذه النماذج ما قدمه العالم جون كوتر من جامعة هارفرد، حيث وضع في النموذج ثمانية خطوات لاتمام عملية التغيير ، ولم يقتصر التغيير على نموذج كوتر فقط فهناك اكثر من عشرة نماذج منها" أدكار ، ماكينزي ، ونموذج لوين وغيرها " .
كل هذه النماذج والنظريات ما هي الا طريق يهتدى بها من يرغب بالعمل على التغيير ، فتساعد في امكانية فهم مراحل التحول نحو المستقبل المنشود للمنظمات الخاصة أو الحكومية وضعها في شكلٍ أسهل للتنفيذ وترسيخ ثقافة التغيير كمنهج جديد معتمد من الجميع .
ولأن التغيير الذي يرفضه الناس خوفا من المجهول وتمسكًا بالواقع الذي يحقق لهم مصلحة، في الوقت الذي يشجع على التغيير كل من هو خارج دائرة الاستفادة ومناطق الأمان لان التغيير هو فرصتهم الوحيدة للحصول على واقع افضل لان واقعهم المفروض عليهم مرفوض تماما من قبلهم .
الأزمة الحقيقية
في علم التغيير الذي نتحدث عنه في القطاع العام والخاص تتكون الازمات بين الجانبين ، فمنها ما يقوم به قائد التغيير من إجراءات تجعل منه عدوًا كبيرا للجميع ويقاوم وجودة كل الأطراف في المنظومة الإدارية، ومنها ما يقع على عاتق ادارة التغيير في عدم الالتزام بما تقرر من سير باجراءات ادارية وتفعيلها بشكل صحيح لأنهم يريدون فقط إعادة تدوير مصالحهم الخاصة وتقديم الدعم المؤقت لقيادة التغيير والإصلاح الإداري، وهذا ما نلاحظه عندما تغيب قيادة التغيير أو يغادر القائد موقعه معتقدًا أنه حقق هدفه، ليختفي كل ما قام به وتعود الأمور لما كانت عليه.
هنا يجب أن نلتفت إلى هذه المعاناة في كل مؤسسة وكل منظمة ونحدد الاسباب الحقيقية وراء عدم وجود تغيير حقيقي، هذا الصراع بين الطرفين وبين قوي الشد العكسي هو الذي يؤخر التقدم في كل المجالات، فقط يجب ان مراعاة من يتولي شؤون القيادة العليا هل هو مدرك لمفاهيم التغيير والاصلاح وهل يعمل ضمن منهجية علمية ام أننا سجلنا رقمًا قياسيًا جديدا في التغيير الساخر، فانتقلنا من الحال الموجود الى حال أسوأ بكثير مما كنا عليه.
أزمة قيادة وأزمة إدارة وأزمة تغيير ، قد يقودنا الى أزمة المستقبل التي لا أعتقد أننا سنكون مستعدين للتفاوض فيها مع الأجيال القادمة .
فهل التغيير القادم سيكون قصرياً وندفع الثمن.؟!