facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عصر اللايقين للفرد والدولة والمجتمع


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
07-11-2022 09:38 PM

هذه المقالة مدخل لسلسلة مقالات سأحاول من خلالها القاء الضوء على بعض المظاهر والسلوك للفرد والمجتمع والدولة من منطلق علمي آملا أن يكون ذلك عونا لواضعي الرؤى و السياسات لتحسين الحياة اليومية و مواجهة تحديات العصر الإنساني الرابع (برأيي) الآخذ بالانبثاق طوعا وكرها و جوهره نموذج التفكير ونموذج الانتاج.

منذ وضع الانسان قدمه على هذه البسيطة وهو منشغل بفهم محيطه و عوض الفراغ في المعرفة للكثير من الظواهر باساطير وافتراضات تطورت لتصبح مسلمات لا يجوز المس بها وسامر عليها في مقالات لاحقة. لكن الانسان تأخر في فهم ذاته رغم محاولات الفلاسفة الاغريق بشكل خاص و الفلاسفة في العصور التي تلت لولوج هذه الظلمات. ثم كان التطور العلمي الذي شهده القرن العشرين في فهم النموذج الكيميائي للإنسان والذي أسس للطب الحديث ثم لفهم اعمق للفرد والسلوك لنجد ان الانسان ليس اكثر من مجموعة توازنات كيميائية داخل الدماغ.

برأيي أن الانسان هو مكون مادي يدعى الجسم وهو ليس اكثر من هاردوير يشكل حافظة ومنفذ للبرمجة العقلية السوفت وير بشقيها الواعي واللاواعي. وما يربط البرمجة بالجسم هو جهاز عصبي وجهاز هرموني وظيفتهما تنفيذ البرمجة والحفاظ على الجسم (من اصغر خليك الى اضخم عضو) في حالة سليمة تشريحيا ووظيفيا. لذلك فان البرمجة هي الأساس وهنا نعدل مقولة ان العقل السليم في الجسم السليم لنقول ان الجسم السليم هو من ينفذ برمجة سليمة.

البرمجة الدماغية والتي تتلخص في توازن كيميائي محدد في مناطق مختلفة في الدماغ قائمة على النواقل والتوصيلات العصبية هي من تقرر الخوف والشجاعة، البخل والكرم، التطرف والاعتدال، العنف والرضا، السعادة والشقاء، الدافعية والاستكانه، الرضا والمعارضة و هي من تقرر السلوك و التحكم العاطفي، وهي من تقرر المتعة والتذمر. لذلك فان فهم تشكل البرمجة في الفرد و المجتمع لم يعد علما نظريا محظا بل هو اداة سعادة و اداة شقاء و يوما سيصبح سلاحا اكثر أهمية من القوة العسكرية و لا ننسى ان السلاح الثقافي حاليا هو اداة تطويع الشعوب او تنويرها وهو اداة البناء واداة الفوضى.

لتسهيل فهم برمجة العقل الانساني يجب ان نقسم العقل الى العقل الواعي و الذي يبدا بالتشكل حوالي عمر السبع سنوات و يبدأ بالنضوج في فترة المراهقة ليصل للاستقرار في مرحلة عمرية لاحقة. لكن هذا العقل الواعي لا يتحكم الا باقل من خمسة بالمئة من حياتنا اليومية. ام الجزء الاهم في البرمجة العقلية فهو العقل اللاواعي (الباطن) و هو المتحكم بنا مئه بالمئة في الطفولة و اكثر من 95 بالمئة بعد النضوج. انه الجزء المسؤول عن عواطفنا و احاسيسنا و هو الجزء المسؤول عن مهاراتنا الحياتية وخبراتنا وذكرياتنا وهو المسؤول عن معتقداتنا و اعرافنا الاجتماعية بالتالي فهو سبب شقائنا او سعادتنا.

العقل الباطن هو مارد غبي بعضلات مفتولة ان تحديناه خسرنا وان تفاهمنا معه سيطرنا عليه وقدم لنا الخدمات الجليلة. فهو لا يميز بين الحقيقة والخيال وبين الصدق والكذب لذا يسهل تعديل واعادة برمجته.

برمجة العقل الباطن تبدا من الأعوام الأولى حيث يكون عقل الطفل بمثابة لوح ابيض تكتب عليه البرمجة لباقي العمر بطريقة اشبه بالتنويم المغناطيسي وبما أن العقل الواعي لم يبدأ بالتشكل بعد فان سلوك المحيط من الاهل والمجتمع وعواطفهم ومعتقداتهم تمثل مادة البرمجة ولا ننسى تأثير وسائل المعرفة الذكية من التواصل الاجتماعي والبرامج الترفيهية للصغار و التي بدأت حاليا توجه لأعمار مبكرة فتخط جزءا مهما من برمجة العقل الباطن وتشكيل الوعي المبكر.

بمعنى آخر فإن سلوكنا حاليا في اعمار متقدمة قد تم كتابته واقراره في ذلك العمر المبكر و تأثيرنا عليه محدود ما لم يكن هنالك فهم وقرار لاعادة او تعديل تلك البرمجة.

سأختم هذا المقال بأن أقول من منطلق الأمانة العلمية والفكرية أنني لا أعتقد أن عقول ما قبل الرقمية قادرة على وضع حلول ورؤى لجيل الرقمية العابر للحدود والمنبت من الثقافة الاجتماعية التقليدية.

في المقالة القادمة سأكتب في موضوع الدوبامين والذي اعتبره اكسير الحياة و الدافعية و المتعة و العمل ويليه موضوع السيروتونين الذي يحدد القبول او الرفض للوضع الاجتماعي وتقدير الذات والميل الى الرضا او العنف سواء الفردي او الاجتماعي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :