تسأل فلاناً عن مستواه التعليمي فيقول لك: توجيهي ناجح ، وتسأل اخر ، فيقول لك: توجيهي راسب.
هذا يعني ان الذهنية الاجتماعية لدينا تقبل نوعين من التوجيهي ، الناجح والراسب ، لان كليهما وصلا الى خط السابق النهائي ، واحدهما نجح ، والاخر اخفق.
لا تعرف كيف يعرّف من لم يحالفه الحظ على نفسه بتوجيهي راسب ، لان التوجيهي الراسب يعني عمليا وفعليا انه اخفق وعاد الى مستوى الحضانة او الروضة في احسن الحالات.
سياسياً.. لدينا نوعان من النواب. نائب ناجح وهو الذي يفوز ويذهب الى مجلس النواب ، والثاني نائب راسب ، اي المرشح الذي لم يحالفه الحظ ، وسقط سقوطا مروعاً.
الكلام عن النواب الناجحين ليس مهماً ، لان هناك مائة وعشرة اشخاص سيصبحون نواباً في نهاية المطاف وامامهم مهمة شاقة ، اعانهم الله عليها ، لاستعادة المصاريف التي انفقوها على حملاتهم الانتخابية ، ثم اي شيء اخر قد يستجد.
عدد المرشحين لدينا دوما كبير ، واغلب هؤلاء يعرف مسبقاً انه سوف يرسب ، لان قاعدته الاجتماعية قليلة ، ولانه لا جمهور له ولا جماهير ، ولانه ايضا لا يمتلك برنامجاً سياسياً او اقتصادياً ، ثورياً كان ام انبطاحياً.
برغم ذلك يرشحون انفسهم ، لغايات الاستعراض الاجتماعي والوجاهة الزائفة ، ونثر الصور الملونة في الشوارع ، وحتى يحصلوا على مكانة مؤقتة باعتباره نائبا محتملا ، وحتى يؤسس لحضور اجتماعي دائم ، لكونه حديث المجالس ما بين من يؤيده او لا يؤيده.
هذه مضيعة للوقت. فخر زائف. لماذا ترشح نفسك اذا لم تكن واثقاً انك قد تفوز او قريب من الفوز؟ السؤال يخطر ببالك ولا تجد له اجابة الا بأحدى نقطتين ، الاولى تقول انه يريد ابتزاز مرشح اخر حتى ينسحب ويقبض الثمن المعلوم ، واما انه يريد الحصول على لقب "نائب راسب".
لقب "نائب راسب" لقب ثمين ، لان لدنيا مقابل الالاف من حملة التوجيهي الناجحين ، الالاف ايضا ممن يعرفون مستواهم التعليمي في طلبات التوظيف او عند السؤال بكونه "توجيهي راسب".
ثمين ايضا لانه يوفر لصاحبه مجلساً وزاوية ومقعداً بين الناس ، ويوفر له طنيناً من الكلام حول وجوده وحركاته واتصالاته ومناوراته وطموحاته ، الى اخر الحركات القرعاء التي مللنا منها.
الذهنية الاجتماعية التي تقبل شخصاً يعرّف نفسه بكونه توجيهيا راسبا ، هي ذات الذهنية التي تمنح المرشح الفاشل ، حضوراً ولقباً ، واذ كانت الحفلة ستنتهي قريباً ، وسيخرج المئات صرعى وجرحى منها ، فان العوض في وجه الكريم فقط.
آفة الرجل.. الفخر الزائف.
mtair@addustour.com.jo
الدستور