استجابة لإلحاح الكبار من أبناء أبو عرب ، ولرجاء الصغار منهم ، ولطلب السيدة أم عرب ، ومن أجل التأكد من صلاحية سيارته ( التي يسميها الجار بالجنازة ) تقرر أن تخرج العائلة في يوم الجمعة برحلة خلوية إلى إحدى البقع الغابية التي لا تزال على قيد الحياة من أرض الوطن الحبيب ، لما للسياحة الداخلية من فوائد علمية ، وحتى تخرج بعضا من الرطوبة التي نخرت في أجساد أفراد العائلة ، والتي تسببت بها الظروف غير الصحية لشقة تسوية تسكنها ، وحتى تتنفس هواء نقيا يخلو من ملوثات عوادم السيارات التي تملأ الجو دون رقيب أو حسيب .أسندت الواجبات والأدوار لجميع الأفراد بقيادة أبو عرب الحكيمة ، أم عرب تقوم بتجهيز لحم العجل الصيني المستورد الذي تم شراءه من عرض خاص من أحد محلات البقالة الكبيرة ( سوبرماركت ) بعد إضافة كمية لا بأس بها من الليّة ، من أجل النكهة ، وحتى تكفي اللحمة للعائلة الكريمة . أما واجبات البنات فكانت تجميع مستلزمات الرحلة من إبريق الشاي وأكوابه ، والخبز ، والحصيرة ، والكرة ، ومضارب الريشة ، و فرم السلطة عند الوصول ، تقشير البطيخة وتقطيعها بعد تناول الوجبة الدسمة .
وصلت العائلة الكريمة إلى المكان المقصود ، وقد ارتفعت حرارة محركها لأسباب لا تخفى على السائق والركاب ، وكان المكان غاصا بالمواطنين ، وبدأ النقاش الحاد بين رئاسة العائلة وبين أفرادها حول النقطة التي ستستقر عندها العائلة ، وما أن يقترح أحد بقعة بعينها حتى تتعالى صيحات من يعترض لعدم مناسبة المكان ، وكان جلّ الاعتراضات على قذارة المكان ، حيث ضمت جنباته شتى أنواع الفضلات الآدمية والحيوانية ، وبقايا رحلات سابقة ومخلفاتها ، زجاجات مياه صحية وغازية ، أكياس بلاستيكية متناثرة ، فوط أطفال مستعملة هنا وهناك ، قشور الفواكه الموسمية ، أسراب هائلة من الذباب والناموس تحاصر الزوار . كان المكان مكبا للنفايات أكثر منه مكانا للراحة والاستجمام ، إذ لم يخصص من ألقى بها بضع دقائق ليجمعها ويلقي بها في براميل القمامة ، أو يضعها في مكان واحد بعد جمعها قبيل مغادرته المكان .
قوطعت رحلة أبو عرب بالعديد من المتسولين ، والباعة ، وأصحاب الخيول والإبل والحمير للركوب ، ووقعت مشكلة العثور على دورات مياه لقضاء الحاجة ، وبعد بحث تم الاهتداء إليها خالية من الماء وبمنتهى القذارة ، ووسط شتائم وسباب كبار العائلات الأخرى لصغارها . قرر أبو عرب المغادرة بعد تناول الطعام ، ولم يستمع لرجاء الصغار والكبار للبقاء ساعة أخرى للعب الكرة أو الريشة .
فاتني القول : لم تجمع عائلة أبو عرب فضلات ونفايات الرحلة ، وتركتها حيث كانت ، فقد رأى الجميع أن المكان أقذر من أن يتم تنظيفه ، وغادر الجميع المكان بعد استنزال اللعنات على من ترك المكان قذرا ، وعلى الحكومة التي لا تهتم بنظافة المكان ، وأقسم أبو عرب أيمانا مغلظة بعدم العودة إلى المكان ثانية !!! .
haniazizi@yahoo.com