كتاب الأردن والتحدي البيئي : عرض شمولي
باتر محمد وردم
18-10-2010 06:04 AM
يفتقر الأردن بشكل عام إلى الكتب الجادة والرصينة ، ولكن السلسة أيضا التي تناقش اولويات التنمية وتقدم للقارئ الأردني والعربي المهتم صورة معرفية شمولية عن التحديات التنموية وكيفية ارتباطها مع بعضها ومعالجتها بطريقة تكاملية ، ولهذا فإن الكتاب الجديد الذي اصدره عميد البحث العلمي في الجامعة الأردنية الألمانية واستاذ علوم الأرض في جامعة اليرموك الدكتور نزار أبو جابر بعنوان "الأردن والتحدي البيئي" يعتبر نقلة نوعية في هذا السياق.
يناقش الكتاب نشأة ومآل التحدي البيئي الذي يجد الأردن نفسه به والمتمثل في محدودية الموارد الطبيعية مقابل زيادة المتطلبات الناشئة عن النمو السكاني والاقتصادي وسوء إدارة الموارد الموجودة مع تقديم أفكار وطروحات عملية في كيفية مواجهة التحدي ، حيث يؤكد الكاتب أن النجاح ممكن في حال أمسكنا زمام الأمور بايدينا. الكتاب الذي صدر بدعم حكيم من وزارة الثقافة يقود القارئ في رحلة معرفية ترتبط مع واقع حياته اليومية ويقدم له العلاقة التي تربط ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بتغير المناخ وعلاقة هجرة العمل الزراعي بفقدان الأمن الغذائي ، وآثار التوسع العمراني غير المدروس على الخدمات العامة كما يقدم وجهة نظر علمية وفي غاية الأهمية حول المشاريع الكبرى التي يقوم الأردن بتنفيذها مثل قناة البحرين والطاقة النووية وناقل الديسي والسكك الحديدية ويناقش تفاصيل هذه المشاريع التي عادة ما تغيب عن وسائل الإعلام باستخدام المنهجيات والأرقام العلمية والتي تستحق الاطلاع عليها من قبل القائمين على هذه البرامج والمشاريع.
هذا الكتاب مفيد للقارئ العام ليعينه على التسلح بالمعرفة العلمية في تقييم ومناقشة القضايا التنموية والبيئية والتي عادة ما تخضع النقاشات فيها لمواقف مسبقة بعيدة عن الحياد العلمي ، كما هو مفيد للمختصين البيئيين في كيفية تقديم المعرفة البيئية للرأي العام بطرق سهلة ومرتبطة بمواقع الحياة اليومية وهو مرجع لا يمكن الاستغناء عنه للإعلاميين ونشطاء العمل العام كما هو مفيد جدا للسياسيين والنواب ومتخذي القرار في كيفية فهم والتعامل مع التحديات البيئية والتنموية المتكاملة في الأردن مثل المياه والطاقة والبيئة والنقل والإسكان والصحة والمدن والسياحة والزراعة وغيرها من القضايا.
يقول الكاتب أن "تأليف مثل هذا الكتاب يشكل تحديا على أكثر من مستوى حيث أن المطلوب هو تغطية مادة علمية واسعة للقارئ المثقف غير المتخصص بطريقة غير سطحية وغير وعظية ، ويضاف إلى ذلك أن معظم المصادر العلمية مكتوبة باللغة الإنجليزية مع أن الجمهور الذي يحتاج إلى هذه المعرفة عربي ويرغب في الاستزادة منها بلغته الأم". وأعتقد شخصيا بأن الكاتب قد وفق في هذا التحدي وساهم في تغطية جزء كبير من الفراغ في المكتبة الأردنية حول القضايا التنموية ذات الأولوية وهي دعوة للاستفادة الجدية من هذا الكتاب وتشجيع مؤلفين آخرين مختصين في الشؤون العلمية على خوض مغامرة التأليف باللغة العربية مستهدفين القارئ الأردني لتقديم إضاءات جديدة وشمولية حول القضايا التي عادة ما يتناقش فيها المختصون في غرف مغلقة ولا يتمكن الإعلام من تقديمها للجمهور بالطريقة السليمة.
batirw@yahoo.com
الدستور