ملاحظة الانتخابات ام مراقبتها.?
هاشم خريسات
18-10-2010 05:56 AM
تبدي الحكومة حساسية واضحة تجاه اي مفهوم لمراقبة ما يجري في الانتخابات النيابية لمجلس النواب السادس عشر, التي ستبلغ ذروتها في التاسع من شهر تشرين الثاني المقبل, وهذا ما قد يغذي بعض الشبهات والشكوك التي تحوم حول مدى النزاهة والشفافية التي سيتم الالتزام بها في جميع مراحل العملية الانتخابية, خاصة وان المرحلة التي تمر بها حاليا تعتبر حرجة فعلا, بعد ان اتضحت معالم الخريطة الانتخابية وتم الاعلان عن قوائم المرشحين وانطلاق الحملات الانتخابية بما يرافقها من ممارسات قد تخرج عن الاصول القانونية وذلك مع بدء العد التنازلي لاستعدادات الاقتراع والفرز.!
المبررات التي تعلن عنها الحكومة من خلال الجهات ذات العلاقة بادارة الشأن الانتخابي, في رفض مبدأ الرقابة المباشرة تنطلق من مفهوم السيادة الذي يجب احترامه والنأي به عن التدخل والتداخل في شأن وطني بالغ الدقة, لكن ذلك في نظر البعض لا ينطبق على الجهات المحلية المخولة اصلا بهذه المهمة من خلال القوانين التي تحكم عملها وفي مقدمتها المركز الوطني لحقوق الانسان الذي يقود فريقا لهذه الغاية بموافقة حكومية بالرغم من انه جهة رسمية معتمدة, وكذلك الحال مع التحالف المدني لرصد الانتخابات "راصد" الذي ينضوي تحت لوائه حوالي 25 منظمة مجتمع مدني لها دورها في متابعة مجريات عملية ديمقراطية في غاية الاهمية كالانتخابات النيابية.!
هناك تمسك رسمي يتم التأكيد عليه دائما وابدا في هذا الشأن وهو ان كل ما يمكن السماح به هو ملاحظة او متابعة مجريات الانتخابات النيابية على ان لا تتجاوز حدود هذا "المصطلح" بأي شكل من الاشكال, وقد اعدت وزارة الداخلية في هذا السياق مدونة سلوك عممتها على منظمات حقوق الانسان ومختلف مؤسسات المجتمع المدني وعلى جميع المحافظين والحكام الاداريين, اكدت فيها الالتزام بكافة البنود التي وردت فيها كل من يتقدم من اعضائها للقيام بهذه المهمة, من اجل ضمان الحيادية المطلقة والابتعاد عن الشخصنة والعشوائية والانتقائية في تقييم سير العملية الانتخابية.!
ما يلقي بظلاله على التشدد في اجراءات متابعة الانتخابات من قبل الجهات الداخلية خارج اطار العمل الرسمي الحكومي, ان الانتخابات النيابية السابقة كان قد شابها الكثير من التجاوزات الى الدرجة التي يقال انها اودت بالمجلس النيابي الخامس عشر الذي تم حله لمثل هذه الاعتبارات وغيرها, حتى وصل الامر الى الكشف عن تعرضها للتزوير وشراء الاصوات وغير ذلك من ملابسات باتت معروفة للجميع, مما اتاح فرصة لضعف الثقة في سلامة العملية الانتخابية اجمالا ويمكن لمزيد من التشدد تجاه اي مفهوم رقابي عليها, ان يؤثر على ما تردده الحكومة دوما منذ البداية وحتى الان, على انها حريصة على ان تجري وفق معطيات النزاهة والشفافية التي تعبر عن ارادة الناخبين في ممارسة حقهم الديمقراطي, دون مؤثرات سلبية طفت في الماضي على الاجواء الانتخابية النيابية.!
حتى الملاحظة والمتابعة المسموح بها رسميا لبعض الجهات المحلية, ادت الى الكشف عن الكثير من الخروقات في عمليات التسجيل والاعتراض والطعن وحتى بعد اكتمال الجداول بصفتها القطعية قبل ايام, وقد قامت الحكومة بتصويب البعض منها, وهذا ما يعزز اهمية الدور الرقابي الذي يقوم على المصداقية واتباع القواعد المنهجية والعلمية النابعة من حيادية وحس وطني صادق, لا يخضع لأية املاءات او توجهات مغرضة في خدمة هذه الجهة او تلك, ما دام الهدف النهائي المعلن يصب في مصلحة انتخابات حرة لا تشوبها اي شائبة.!0
Hashem.khreisat@gmail.com
العرب اليوم