لم يعد مقبولاً هذاالصمت المريب تجاه ظواهر بدأت تتسرب لمجتمعنا كما يتسرب الغاز لرئات النائمين . تشًوه صورته ونحن ندفن رؤوسنا في الرمل ونلوذ بالصمت المريب. وفي أحسن الأحوال نحوقل أو نطلق زفرة "آه" أو " أف ".
هل أصبنا بالكساح ؟ . وهل أصبحنا مجتمعاً مشلولاً لا حول ولا قوة سوى في الباطل ونصرة الظالم وقمع المظلوم والمقهور؟ .
نتفاخر بأننا مجتمع يتقدم نحو القضاء على الأمية . ونتسابق على تسمية مدن الوطن بالثقافية . ونملأ الفضاء مؤتمرات وندوات . وقد نكون من أكثر الشعوب إنتاجاً لمدونات السلوك . وقد نكون من الدول القليلة التي فيها أنظمة قضاء متعددة جنباً إلى جنب. وقد وقد وقد حتى نقد ما علينا من ملابس من كثرة " القدات".
عرف عنا " الكشرة " والوجه الذي لا يضحك " لرغيف الخبز الساخن " أيام ما كان سعر الرغيف قروش ، ونخشى مع مرور الوقت أن يضاف لنا صفة جديدة مثل " أبو قنوة" أو " أبو شبرية " ونوضع في فترة لاحقة على قوائم الإرهاب ونصبح مطلوبين بشكل جماعي للمحاكم الدولية الماشي سوقها في هذه الأيام .
ينكد علينا الإعلام صباح كل يوم بخبر أو رزمة أخبار ما نكاد ننساها حتى يأتي بأفظع منها في اليوم التالي . وأقتطف تالياً بعضاً منها :
1. أخ وأبناؤه يقتلون عمهم ضرباً بالعصي حتى الموت .
2. زميل يقتل زميل في العمل بعد عشرة سنوات .
3. زوج يقتل زوجته بعد أشهر من الزواج وبعد أن نشف ريقه قبل أن يراها.
4. جارة تقتل جارتها العجوز لسرقة سوار ذهب ثمنه لا يتجاوز (500) دينار .
5. شاب أو فتى يغتصب عجوز جاوزت الثمانين .
6. أخ يترشح ضد أخيه في الانتخابات تهالكاً على خدمة الوطن .
7. زوجة تترشح ضد زوجها تأكيداً لمبدأ اليمقراطية .
8. مناصروا أحد المرشحين يزفونه بالسلاح لمركز الترشح .
9. أبناء عمومة يتقاتلون بالسلاح الأبيض لتلوينه بالأحمر نصرة لمرشح على آخر.
10. شقيق يقطع رأس شقيقته لأجل كأس شاي .
11. سائق يقتل راكب لخلاف على نصف دينار
12. إبن يترشح ضد أبيه .
لا نريد أن نقول شيئاً فيما سبق ونترك القول لأصحاب الاختصاص إن كان لدينا مختصون في مثل هذه الظواهر .
ونقلب العملة على وجهها الأخر لنرى الأخبار التالية :
1. أستاذ جامعي يسرق بحثاً لمؤلف آخر .
2. فصل أستاذ جامعي وسحب شهادته العلمية بعد أن تبين أنه بلا علم .
3. تاجر أنعم الله عليه بمال وفير ، يتاجر بالمواشي والأبقار النافقة ويسوقها للشعب الغلبان.
4. رئيس نقابة ديمقراطي يبقى على رأسها حتى آخر نفس .
5. موظف كبير يختلس دنانير .
أكرر لا نريد أن نقول شيئاً ونترك الأمر للمختصين .
قد يقول قائل إن الخير والشر متلازمان منذ بدء الخليقة للأن . وأن قابيل أول من أسس للجريمة بقتله هابيل . و ....و ....و إلى آخر " الواوات "
ولكن تذكروا أن لدينا مدارس وجامعات ، ولدينا من " الدالات " الكثير ، ولدينا إعلامين ومفكرين ، ولدينا شيوخ ومشايخ . ولدينا أحلام وأمنيات . ولدينا بنين وبنات ...فماذا تركنا لهم ؟
آمل أن ينشغل القراء في الإجابة على السؤال ....لا أن ينتقدوا جمع " قد : قدات " أو جمع "واو : واوات " وبالتالي يكون للصوت دلالة .