عندما تتجول في شوارع عمان وباقي المحافظات هذه الأيام تجدها وقد ازدانت بصور المرشحين للانتخابات النيابية وقد اعتلت ساحاتها وأعمدتها الكثير من الشعارات بعضها صعب المنال والبعض الآخر فارغ المضمون .. تلك الشعارات لا زالت تتاجر بها بعضاً من المكونات المجتمعية دعما ومؤازرة لمرشحيها لتسود حاله النفاق الاجتماعي الواضح .. معتبرين ذلك قاربا يمتطيه البعض للوصول إلى مآربه .. ولنجد فيها نوعاً من الابتزاز والاستغلال والفبركة المتعددة الأشكال والألوان لتتحول العملية الديمقراطية إلى أفكار وشعارات وسيناريوهات تستدرج السيد الناخب إلى صناديق الاقتراع .. آملا من المرشح في كسب العدد الكافي من الأصوات التي تؤهله إلى كرسي النيابة ..وسعيا من الناخب في تحقيق حلمه في اختيار نائب المستقبل لتصورة انه وجد السند والعضد الذي سيحقق طموحة .. وللأسف فبعض السادة المرشحين ينتهجون سياسية مكشوفة .. تكون بعيدة عن حياتنا وواقعنا .. متغنية بقوت الوطن والمواطن مستخدمة كل الوسائل والسبل من أجل الوصول إلى الغاية المنشودة .. وكان ذلك المرشح بيدة كل الحلول الشافية والعافية لكل مشاكلنا الاقتصادية والتنموية ووو الخ .. متناسين أن مواطننا الأردني لديه من الوعي ما يكفيه .. فلا ينقصه ضحك على الذقون ولا الشعارات البراقة تفي بمطالبه .. ولا الكلام المعسول يطيب خاطره .. وبذلك تكون الديمقراطية والانتخابات تخضعان لامتحان عسير من كافة أطياف مجتمعنا الأردني الواحد .
إن الانتخابات النيابية القادمة هي حق مستحق .. فقد انتهى عهد الأفكار الرجعية التي كانت تسيطر على عقول الكثيرين حين كنا نخاف النطق بمصطلح الديمقراطية لاعتقادنا انه بدعة امبريالية تتعارض مع ديننا .. وكنا نعادي حمله هذا الشعار معتقدين انه عبث بأمن الوطن والمواطن .. ولكن عند إدراكنا لحقيقة هذا المصطلح أصبح لدينا قناعة تامة انه حق إنساني مشروع .. لجميع مكونات مجتمعنا .. بل ولجميع أفراد المجتمعات الإنسانية .. أينما وجدت على مختلف ألوانها وأطيافها .. فهي تستمد مفاهيمها في ذلك من مرجعيتين مهمتين حثت عليهما الأديان السماوية كافة .. فالله عز وجل قد خلق الناس أحراراً كما خلقهم سواسية أفضلهم أخيرهم ( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) فالانتخابات ليست رصدا لهواياتنا أو تشجيعا منا لفريق يلعب مباراة في كرة القدم .. أو يانصيباً خيريا يكسبنا الربح . . ولا حتى عملية قياس لأراء العامة من أفراد تكويناتنا الاجتماعية .. لنرصد بعد ذلك دراسات الاستطلاعات التي تأتي غالبا محققة للآمال أو مخيبة ومحبطة لها !!
بل نعود الى القول إنها تعبير حر عمّا يجول في خاطر كل مواطن من أفكار وتوجهات.. عند هذه اللحظة : على الجميع تحمل مسؤولياتهم كاملة لإنجاحها وإظهار صوره الأردن الديمقراطي الحر وفق الرؤى التي يراها جلاله الملك باهتمام بالغ .
إن الحرص الدءوب والأكيد على إنجاح مسيرة الخير الديمقراطية بكل معانيها كي تترسخ بصورة تعبر عن رقيّنا .. وتفاعلنا مع ضروراتها القصوى الملحة .. فنحن لا نريد من المرشحين إرضاعنا المزيد من الخداع والتضليل وفق رؤى فاسدة لقيم مجتمعية باليه.. بل ولن نرضى لهم التمادي في الفشل والتقهقر ليتراكم كماً هائلاً من الأزمات المستعصية في مختلف مجالات الحياة لنعود إلى نقطة الصفر .. ونغرق في أزمات متوارثة ترحل من مجلس إلى مجلس بعيدة عن كل الأصول والأعراف والمصداقية في إطار تكريس الأنانية الذاتية.
فلنذهب إلى صناديق الاقتراع بكل همة ومسؤولية ونعرف من ننتخب ! لأن ذلك حقاً مقدساً مشروعاً ومطلباً ملحاً لا بد من ممارسته لتتشكل مرآة عاكسة للحالة التي نفرز نواب المستقبل لنحملهم مسؤولياتهم أمام الله والوطن آملين جميعاً في حياة أفضل وبذلك نكون على محك مفصلي لنبرهن أننا ضمن المجتمعات المتطورة والمتقدمة الحرة المتجددة المتعصرنة التي درجت على نهج التطوير والحداثة فتتوسد بذلك القواعد الصلبة المتينة .. فنحن نعول كثيرا على مواطننا الأردني الواعي .. فاستثمارنا بإنساننا هو رأس مالنا الوطني الأهم ولأجدى ولأجدر . فما نسعى به هو حراك شعبي ننتخب من خلاله الأردن الذي هو فوق كل الاعتبارات .
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com