* دور الملك عبدالله الاول في تعديل خارطة الوعد
اول وعد لتوطين اليهود في فلسطين كان عام 1799 من قبل نابليون بونابرت في اطار خطة لاخراج اليهود من اوروبا وكذلك لمكافأتهم بسبب وقوف اليهود معه في حملته على الشرق وفلسطين، وتتسلسل الاحداث وتتسارع باتجاه تنفيذ مخطط اوروبي للتخلص من اليهود ونقلهم الى اي مكان ،وتعددت اشكال التنفيذ وعقد المؤتمرات، ولكن حين نستذكر صدور وعد بلفور بعد 105 سنوات وهو كان اخر هذه الوعود لا بد من نقرأ في تسلسل التنفيذ، ونتساءل:
اين كان العرب ومخطط بلفور يمضي؟
والسؤال الاخطر: كيف ساهم العرب في تنفيذ هذا المخطط المشؤوم؟
ونسأل اين بناء الدولة الفلسطينية في الوقت الذي يمضي فيه بناء الدولة اليهودية؟
هذه اسئلة تنطوي على اساسيات وجذور القضية الفلسطينية التي كانت جراحاتها نازفة وكان الرقص حول الجراح بالتنديد والهتاف والاتهامات.
وهل نحن الان في نقطة اللاعودة واستحالة الحل وعودة الحق؟
ولكن حين نعود الى اصل وعد بلفور، ففي عام 1903 كان بلفور نفسه رئيس وزراء بريطانيا واعط لليهود وعدا بالتوطين في "كينيا"
ويهدف من ذلك منع هجرة يهود شرق اوروبا الفقراء الى بريطانيا. وقد وافق المؤتمر الصهيوني السادس على هذا المشروع بالاغلبية. وقد فشل هذا المشروع لكنه أحدث اختراقا حين اعقب التصريح قول بريطانيا :أن حكومة بريطانيا ليست فقط مستعدة أن تمنح تصريحا بل أن تمنح أرضا وتساعد في تأسيس وطن للصهاينة.
وكان هذا الوعد ضمن سلسلة الوعود الروسية والالمانية والفرنسية التي تسابقت في منح الوعد بقصد تخليص اوروبا من اليهود، ويأتي اول وعد بلفوري عام 1903 للتوطين في كينيا، وتتطور الاحداث مع نشوب الحرب العالمية الاولى لتنحرف بوصلة مكان تنفيذ التوطين لتتجه الى فلسطين مع صدور الوعد الثاني لبلفور الذي اصبح وزيرا للخارجية، ولكن هذه المرة باهداف ذات ابعاد دينية مع تلون السياسة التي امعنت في عنصريتها وأصبحنا نحن نبرع في وضع التحليل والاهداف ولكن مع محدودية المعالجات، وأخذ يكبر ويتحقق ونحن نقوم بالاحتجاج والثورات وقدمنا الشهداء وكانت الثورات الفلسطينية بحجم المسؤلية قوية وكان النضال الاردني لا يتوانى عن الانخراط مع الاخوة الفلسطينيين، ولكن الامور هي بنتائجها؟؟
بعد 105 سنوات نحن نعيش نتاج المؤامرة الكبرى على فلسطين من عام 1917، ومن ثم ذلك التنازع والتشتت الذي جعلنا في بحر متلاطم، ولا زالت الاسئلة مفتوحة تبحث عن كشف المتهمين والمتواطئين في تنفيذ مخطط الشر، ولا زلنا نبحث في معادلة الارض والسكان ونفارن في تدرج التزايد السكاني لليهود وارتفاع نسبتهم، وازدياد انتقال الاراضي لهم، ونقرأ في امتيازات صهيونية بدءا من مشروع روتنبرغ الذي بدأ عام 1921، وامتياز تجفيف بحيرة الحولة وغيرها.
لا نريد قراءة وعد بلفور الثاني في 2 تشرين الثاني 1917، فأصبحنا نحفظه عن ظهر قلب، ولكن نريد أن نعرف ما هي اساليب مقاومة المشروع والتخفيف من ويلاته، هل هناك من تأمل في خارطة وعد بلفور الاصلية؟
كانت الخارطة تضم المنطقة بمسافة حوالي 20 كلم الى الغرب من نهر الاردن وتضم الجولان وجبل الشيخ وجنوب لبنان وحتى اجزاء من شمال الاردن.
ولكن كيف انحسر الوعد فقط ليشمل فلسطين التاريخية ناقصا منطقتي الضفة الغربية وقطاع غزة؟
كان لتأسيس الدولة الاردنية عام 1921 الفضل في ذلك، حين اراد الملك عبدالله الاول اعلان استقلال الدولة الاردنية ووجد ان الارض الاردنية مشمولة بوعد بلفور ،فناضل من اجل تخليص الاردن منه ، ونجحت المفاوضات مع بريطانيا وعصبة الامم حينها بتعديل خارطة الوعد وخرجت كل اراضي شرق الاردن والجولان وجبل الشيخ وجنوب لبنان منها. ربما يحتاج الامر هنا الى الى دراسة مستفيضة للتوضيح .
ولكن هنا نحن نقرأ في تاريخ وعدين لذات الشخص تعبران عن مخطط الشر على حساب اصحاب الحق الاصليين ، ومن ثم لنبدأ برحلة علاج السكين تاركين الجراح ينزف .