في الحرب الاوكرانية – اسرائيل ليست بريئة
د.حسام العتوم
01-11-2022 12:37 PM
تزامنا مع اندلاع العملية الروسية العسكرية التحريرية الإستباقية غير الإحتلالية اتجاه شرق أوكرانيا بتاريخ 24 شباط 2022، والتي لم تنطلق وفق قرار فردي بوتيني أوتقراطي أو ديكتاتوري كما يشيع الإعلام في غرب أوكرانيا وفي الغرب الأمريكي، بل بقرار جماعي لقيادة قصر ( الكرملين ) الرئاسي في موسكو العاصمة، وبالارتكاز على طلب مباشر من اقليمي ( لوغانسك ودونيتسك ) وسط الدونباس بداية وهو الذي تحول إلى استفتاء تحت رقابة دولية، تحركت الدبلوماسية الإسرائيلية عبر منصة وزارة الخارجية، وبلسان وزير الخارجية يائير لابيد بالتصريح بأن روسيا ارتكبت جرائم حرب ضد سكان أوكرانيا، وقصد وقتها حادثة "بوتشا " ومن ثم حادثة " ماريوبل "، وبعدها حادثة مصنع " أزوف "، وذهبت صحيفة (معاريف ) الإسرائيلية للقول بأن الصور التي تصلها من ميدان المعركة الروسية – الأوكرانية وبالتعاون مع حلف ( الناتو ) مرعبة، متهمة روسيا لوحدها بصناعتها والحدث المأساوي المرافق، بينما الهدف السياسي والعسكري الروسي منذ البداية هو حماية سكان شرق أوكرانيا – الأوكران الناطقين بالروسية والروس من تطاولات فصائل ( أزوف ) المتطرفة المنحدرة من التيار البنديري المشابه، ومن ضربات الجيش الأوكراني الغربي المعزز بإسناد غربي ملاحظ، وهو الذي تسبب في مقتل حوالي 14 ألف شخص منهم، ولجوء غيرهم، ونزول أعداد آخرين إلى الملاجيء، واستمرار هكذا صورة أكثر من ثماني سنوات متتالية منذ انقلاب ( كييف ) الدموي عام 2014، وعمليات قلب الحقائق وسط المعركة كانت دائما تسير إلى جانب أحداثها اليومية وبجهد أمريكي مباشر مثل نقل الجثث، وتصوير الأحياء بأكياس سوداء على أنهم قتلى، وهو ما أكده أحد الجنود الفرنسيين المحاربين في الحرب الأوكرانية، ومع علمنا بخفايا الأحداث البرتقالية وقتها والتي اسندتها الأجهزة اللوجستية الغربية، نعرف بأن ( اسرائيل ) التي تكيل التهم لروسيا المعروفة بتاريخها النضالي في الحرب العالمية الثانية (العظمى) 1939 1945 في زمن الخندق الواحد السوفيتي والأمريكي والبريطاني، هي نفسها التي مارست الاحتلالات لأراضي العرب عامي 1948 و1967، ولازالت تحتفظ بمساحات واسعة منها رهينة لتوقيع سلام مع العرب، ولكن على مقاسها، فماهو الدور الحقيقي لإسرائيل في الحرب الأوكرانية هذه التي يريد الغرب لها أن لا تنتهي بهدف استنزاف روسيا ونخرها حتى من الداخل ؟
ان الجسر الرابط بين (تل ابيب) و(كييف) هو الإمتداد اليهودي الديمغرافي، ومع أوروبا وأمريكا وروسيا كذلك من منطقة " بارادبيجان " خاصة، وسبق للرئيس فلاديمير زيلينسكي أن طلب الفزعة من يهود( اسرائيل ) لحربه مع روسيا بمساعدة الغرب الأمريكي ، وسفير ( اسرائيل ) الأسبق في بيلا روسيا " الون شوهان " في (كييف) تطوع للقتال إلى جانب غرب أوكرانيا، وما يقدمه الجانب الإسرائيلي في الحرب الدائرة هي التقنيات، والخدمة اللوجستية، وتسريب اليهود للعمل في أتون الحرب على شكل متطوعين، وتقديم الخوذ والدروع، ولم تتمكن ( اسرائيل ) تقديم أكثر من ذلك بسبب أنها تخضع لمراقبة روسيا على مدار الساعة، وهي معنية بعلاقات استراتيجية مع موسكو رغم ميولها لعلاقات أفضل مع أمريكا، وكلنا نعرف الاسناد منقطع النظير الأوروبي والأمريكي لاسرائيل لدرجة إعاقة تقدم إيجاد حلول ناجعة للقضية الفلسطينية، وهم من زودوها بالقنبلة النووية سرا ومبكرا، وهو ما كشفه الخبير النووي مردخاي فعنونو لصحيفة صنداي البريطانية عام 1985، وفي المقابل تسمح موسكو لاسرائيل المحافظة على أمنها من خلال ملاحقة المليشيات الايرانية، وفصائل (حزب الله ) في سوريا رغم وقوع دمشق تحت الوصاية الروسية منذ عام 2015 وبذلها جهودا كبيرة في مطاردة الارهاب على أرضها وفي مقدمته عصابات ( داعش ) المجرمة، وتصريح لاسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس ورئيس وزراء السلطة الوطنية الفلسطينية من موسكو نفسها بأن اسرائيل لاتحترم الوجود الروسي في سوريا في اشارة لقصفها عدة مرات .
ليس من مصلحة ( اسرائيل) معادات روسيا الاتحادية خاصة في ظرف حربها مع غرب أوكرانيا وعموم الغرب بقيادة أمريكا، لكنها تميز بين الموقف الروسي الواضح والصريح الذي يدعوها للعودة لحدود الرابع من حزيران لعام 67، وتجميد المستوطنات، ولفتح الطريق أمام بناء دولة فلسطين كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الأمم المتحدة المجمدة حتى الساعة بهذا الخصوص، وتقف أمريكا في المقابل مع اضفاء شرعية الاحتلال والاستيطان فوق الاراضي الفلسطينية والعربية ، وهو ما يناسب حاخامات ( تل ابيب)، وفي زيارة حديثة للرئيس الفلسطيني محمود عباس لموسكو ولقاء الرئيس فلاديمير بوتين قال فيها بأنه لا يثق بأمريكا، واظهر محبته لروسيا ولشخص الرئيس بوتين والاعتزاز بزعامته .
والحديث الاسرائيلي عن إرسال مساعدات عسكرية صاروخية ( لكييف) هو اعلامي، ويخضع لموجة الحرب الاعلامية التي تقودها أمريكا بإسم الغرب بالوكالة ضد روسيا على أرض أكرانيا غربا وشرقا، وتهدف لتعزيز موجات الفوبيا الروسية المناهضة لروسيا، ولترهيب روسيا والشعوب الروسية، ولزعزعة معنويات الشارع الروسي وثقته برئيسه بوتين، وهو توجه سرابي، ويكفي روسيا وجود الجيش الشيشاني الشجاع بقيادة رمضان أحمد قديروف كمثل حي ومباشر، وخلال تجوالي في كبريات المدن الروسية الصيف المنصرم مثل العاصمة موسكو، وسانت بيتر بورغ لم الحظ مشكلة تؤرق الناس هناك لها علاقة بالحرب، وكانت تظهر علامات الحرب كلما اقتربت من المسافة الفاصلة بين جنوب موسكو والمناطق القريبة من الحدود الأوكرانية، في مدينتي فارونيج وروسوش، ومن يزور مدينة بيلغاراد أيضا، حيث يصبح من الممكن ملاحظة ازدحام محطات القطارات بعد اغلاق مطارات الجنوب، وخلو المحال التجارية الكبيرة من المنتجات الأوروبية، وشيوع المظاهر العسكرية، ويسهل مشاهدة المدرعات المحمولة على الناقلات وعربات القطارات، وعبور طائرات سلاح الجو الروسي خاصة في الصباح الباكر المعتم .
ومن ملامح التأثير الإسرائيلي على الداخل الروسي مغادرة الفنان الروسي المشهور مكسيم غالكين وزوجته الفنانة الروسية الأكثر شهرة آلاه- بوغاجوفا إلى تل ابيب حسب قناة BBC عربي، وانتقادهما للحرب الروسية، ووصفها بالخيالية، وفي الوقت الذي وجهت وزارة العدل الروسية لزوجها غالكين تهمة الخيانة، طالبت بوغاجوفا العدل الروسية بتوجيه نفس التهمة لها، مؤكدة بأن زوجها وطني غير راغب بأن تصبح بلاده روسيا منبوذة وتتحول حياة الروس إلى صعبة، ولايريد موت شباب روسيا من أجل اهداف وهمية حسب تعبيره، وهو الأمر الذي ادانته موسكو، وغادر روس غيرهم كثر من أصحاب رؤوس الأموال إلى تل ابيب، ووزارة العدل الروسية تغلق فرع الوكالة اليهودية للهجرة لإسرائيل، والاعلام الاسرائيلي يشارك اعلام الغرب في ادانة روسيا في حربها مع أوكرانيا من دون الحاجة للأخذ بأسباب الحرب الحقيقية والتي في مقدمتها شروع (كييف ) بضم شرق اوكرانيا ( لوغانسك ودونيتسك " الدونباس ) قسرا، وهو الذي لم يحصل، ورفضت العاصمة الأوكرانية الحوار مبكرا مع موسكو، وعبر اتفاقية " مينسك 2015 " وسببت لنفسها خسران الاقاليم الخمسة (" القرم، ولوغانسك، ودونيتسك " الدونباس، وزاباروجا، وخيرسون ) وتدمير البنية التحتية الأوكرانية، و10% من سكان غرب أوكرانيا حاليا يؤيدون موسكو في حربها التحريرية، وهو مؤشر جديد صوب احتمالية تقدم روسيا صوب حدود العاصمة " كييف " رغم تصريحات الرئيس بوتين النافية لذلك .