في الليلة التي سبقت زيارة الملك عبدالله الثاني، الوصي الهاشمي على القدس، إلى مخيم الشهيد عزمي المفتي، نظر الملك النبيل في بوصلة الأماكن، والأحداث، كانت أرض وبيوت المخيم تغتسل بإشراقة شمس صباح الأمن والأمان، وهو الذي يقع في محافظة إربد، شمال المملكة.

أُنشئ كواحدٍ من ستة مخيمات في الأردن أُطلق عليها مخيمات الطوارئ، في عام 1968.

يغالب الحدس بالمحبة والمسؤولية والاستدامة والإصرار على أن تبقى راية القائد الأعلى، سند الحماية لكل اللاجئين والنازحين الفلسطينيين، في كل مخيمات وأرض الأردن، وهي حكاية ملك هاشمي، كافل العمل الإنساني والوطني والقومي، لسان حال القضية الفلسطينية والحقوق والعدالة.

للناظر عن بعد، يبعد المخيم 10 كم جنوب إربد و 70 كم شمال العاصمة عمّان، أُقيم على 764 دونما من أراضي الحصن في إربد، ومن الشمال يبعد عن الأراضي الفلسطينية المحتلة حوالي 207 كم.

.. ما هي دلالات الزيارة الملكية لمخيم عزمي المفتي؟

في بوصلة الملك، الذي رافقه في الزيارة سمو ولي العهد الأمير الحسين، بحضور رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة ورئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف العيسوي، عدة دلالات عميقة، تعزز إصرار الملك على ثبات موقف الأردن تجاه قضية الشعب الفلسطيني ومقدساته وحقوقه، ذلك أن المملكة:

* الدلالة الأولى:

مواصلة الأردن حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والدفاع عنها بموجب الوصاية الهاشمية، الشرعية الحضارية ودور جلالة الملك عبدالله الثاني الوصي الهاشمي.

* الدلالة الثانية:

يعمل الأردن منذ مراحل القضية الفلسطينية كافة وفق ثوابت، حملها الملك بثقة وقيادة، إلى كل المجتمع الدولي والعربي والإسلامي والأممي، فالأردن يبذل جهودا كبيرة لتوفير الدعم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، من خلال التنسيق مع مختلف الشركاء الدوليين وعقد الاجتماعات والمؤتمرات الدولية.

* الدلالة الثالثة:

برغم الصعوبات المالية التي تمر فيها «الأونروا»، إلا أن الأردن استمر بتوفير كل الخدمات الممكنة لأهلنا في المخيمات، ويعمل مع المجتمع الدولي لزيادة المساعدات للوكالة.

*الدلالة الرابعة:

توجيهات القائد الأعلى الدائمة، للأجهزة الوطنية والامنية ومؤسسات وزارات الدولة الأردنية، لتوفير كل الدعم لها من خلال المبادرات الملكية الهاشمية مع متابعة مطالب وأولويات مخيم عزمي المفتي، وكل المخيمات على الأرض الأردنية، مع الجهات المعنية والأونروا.

*الدلالة الخامسة:

لا تراجع عن موقف الأردن الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وضرورات التنسيق الأردني الفلسطيني الدائم للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، في كل المحافل الدولية والأمم المتحدة.

*الدلالة السادسة:

في إطار النهج الملكي في تفقد أحوال المواطنين والاستجابة لمطالبهم، تأخذ مخيمات اللاجئين والنازحين الفلسطينيين اهتمامات ومتابعة الملك الشخصية في الاهتمام بالمخيمات وتلمس احتياجاتها في شتى المجالات، كما أن الاهتمام بالمخيمات وتحسينها لا يعني التخلي عن حقوق اللاجئين المشروعة، فالملك، والدولة الأردنية ودبلوماسيتها العربية والدولية والأممية، تؤكد على التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني، وبخاصة حق العودة.

في ذات السياق، كشف رئيس الوزراء بشر الخصاونة، عن مشروعات تعزز الاستراتيجيات التي وضعتها الحكومة للتحويل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ومعالجة التضخم والكود وغلاء الأسعار، منها:

1.- إنشاء بلدية للواء بني عبيد تضم عددا من القرى إضافة إلى المخيم، لتخصيص عوائد البلدية لتنمية الخدمات وتحسين الحياة في اللواء.

2.- إعادة تأهيل شبكة خطوط المياه بقيمة 7 ملايين دينار.

3.- تركيب 1000 وحدة إنارة جديدة موفرة للطاقة في المخيم، وسيُستكمل ذلك خلال الشهر الجاري.

4.- إرسال فريق من المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية (جيدكو) إلى المخيم لدراسة دعم المشروعات الصغيرة والمنزلية، بهدف توفير النوافذ التمويلية اللازمة.

في زيارة الملك، وهج من إصرار وعزم ملكي، بحيث تكون قوة الأردن، من قوة مواطنيها وساكنيها من شتى الأصول والمنابت، وهم في أمان الملك والديوان الملكي الهاشمي، ونموذج رؤية الملك السامية عبر المبادرات الملكية، التي قال عنها رئيس الديوان العيسوي:في المخيمات مستمرة، وسيكون التركيز على المشروعات التشغيلية والإنتاجية التي توفر فرص عمل للشباب والمرأة، وأنه بتوجيهات الملك وسمو ولي العهد، سيتم دراسة طلبات زيادة الدعم لمخيم الشهيد عزمي المفتي.

العيسوي كشف أنه ومنذ عام 2006 تم تنفيذ العديد من المشروعات في المخيمات بالمملكة بقيمة إجمالية وصلت الى 23 مليون دينار، ومن ضمنها مشروعات في مخيم الشهيد عزمي المفتي بلغت قيمتها نحو مليون و 700 ألف دينار.

.. عمليا، واستراتيجيا:

في زيارة الملك، عودة نحو رؤية ملكية، ديموميتها برزت في خطاب جلالته في الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة،

بالولايات المتحدة الأميركية، يوم 20 أيلول الماضي، عندما خاطب الملك عبد الله الثاني العالم بالقول:

.. «الأردن نقطة ربط حيوية للشراكات الإقليمية والتعاون والعمل للتصدي للأزمات الدولية وتوفير الإغاثة الإنسانية، ولطالما كان مصدرا للاستقرار الإقليمي وموئلا للاجئين».

.. ودعا الملك وقتها قادة العالم للانتباه على مستقبل وكالة الغوث» الأونروا»، وقال بفكر مستنير وحوار مع ساسة الأمم المتحدة ومجلس الأمن:

"أتحدث عن اللاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم، ففي عام 2012، وأمام الجمعية العامة بدورتها السابعة والستين، تحدثت للمرة الأولى عن تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن وعن الضغط الناجم عن ذلك على مواردنا المحدودة. وفي ذلك الوقت، كان نحو 200 ألف سوري قد لجأوا إلى بلدنا الصغير، أما اليوم، وبعد مرور عشر سنوات، فنحن نستضيف ما يزيد عن 1,3 مليون لاجئ سوري. ولأن تلبية احتياجات هؤلاء اللاجئين وغيرهم مسؤولية دولية، فإن الدول المستضيفة تتطلع لالتزام المجتمع الدولي بتعهداته في هذا المجال.

.. والملك شخصية قيادية صلبة ومحبة للسلام ولهذا يقول أمام العالم اجمع:

"نواصل جهودنا لتحقيق السلام، علينا ألا ننسى اللاجئين، فهذا العام، ستصوت الجمعية العامة على تجديد التكليف الأممي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وعلى المجتمع الدولي أن يبعث رسالة قوية في دعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين، لضمان توفير التعليم والخدمات الصحية، وخاصة للأطفال».

الشعب مع حب الملك الأب النبيل، وقوة الدولة الأردنية، وإننا جميعا نثق بأن رؤية الأردن مع الأمم المتحدة ومنظماتها، تأكيد إعادة الالتزامات الأممية والدعم الكامل لبرامج وكالة الغوث، هذا أبرز ما يدعمه الملك ويحرص عليه في جولاته وزياراته السياسية المؤثرة في صنع القرار الدولي.

.. مع الفكر الملكي، باتت الدولة الأردنية أكثر ثقة في الحوار والتشاركية وحماية الحقوق الفلسطينية الثابتة التي تصون الأمن والسلام.

(الراي)