ضحايا بعمليات التجميل دون رقابة!
م. وائل سامي السماعين
31-10-2022 12:07 PM
في حلقة نبض البلد تم تسليط الضوء على عمليات جراحة التجميل لتخفيف الوزن وشفط الشحوم والعديد من عمليات التجميل في الوجه وفي انحاء متفرقة من الجسم، والتي تجري في عيادات خاصة غير مرخصة ومن اطباء غير مختصين في هذا المجال وغير مرخصين ايضا.
وما يزيد الطين بلة، ان هناك اربع مستشفيات تسمح باجراء هذه العمليات فيها من قبل اطباء غير مرخصين، والنتيجة الطبيعية هو موت بعض المرضى وتشوهات في البعض الاخر وعاهات مستديمة، وكل هذا يحدث في وضح النهار في قلب العاصمة الاردنية عمان التي تاسست فيها نقابة الاطباء عام 1944 والتي كانت الاردن السباقة من بين دول العالم في الطب، حيث تخرج الفوج الاول من الاطباء الاردنيين في العشرينات من القرن الماضي، ومنهم من حصل على شهادة الطب من بريطانيا قبل مائة عام مثل الدكتور سليمان السماعين والدكتور حنا القسوس،والدكتور سمعان خوري، وغيرهم الكثير .
المادة السابعة من قانون نقابة الاطباء الاردنيين رقم 13 لعام 1973، تشير الى ان الهدف من انشاء النقابة هو رفع مستوى مهنة الطب وتنظيمها والمحافظة على آداب المهنة، ومن مهامها الوظيفية حسب المادة 35 البند 3 تطبيق قانون النقابة وانظمتها فيما يتعلق بممارسة المهنة ومنها البند 12 الذي يشير الى مراقبة سلوك الأطباء المهني والتأكد من تهيئة عياداتهم وفق قانون الصحة العامة ، وتحديد ما يسمح لهم بالإعلان عنه ، وحل المنازعات المتعلقة بممارسة المهنة.
أما مواد القانون من "45 الى 65" فتتعلق بالاجراءات التأديبة بحق الاطباء المخالفين، والتي تبدأ بالانذارات ثم دفع الغرامات البسيطة، والايقاف عن العمل واخيرا سحب رخصة ممارسة العمل .
وحسب مواد اجراءات المحاكمات فان إجراءات التأديب تخضع في جميع أدوارها ومراحلها للسرية التامة، ويحظر على جميع ذوى العلاقة إفشاء هذه السرية تحت طائلة العقاب، حتى تكتسب الاحكام القطعية، أما المادة 79 فتشير الى ان رئيس الوزراء ووزير العدلية والصحة مكلفون بتنفيذ أحكام هذا القانون.
في ضوء مطالعة قانون النقابة، يتبين ان هناك تقصيرا واضحا في دور نقابة الاطباء في تطبيق احكام قانون نقابة الاطباء، في ملاحقة الاطباء المخالفين ومن ثم تحويلهم الى وزير الصحة الذي بدوره مُطالبا بتحويل قضايا هؤلاء الاطباء الى النائب العام حسب المادة 79 لاتخاذ الاجراء القانوني اللازم واغلاق العيادات الغير مرخصة بالشمع الاحمر .
يوجد هناك تقصير آخر من قبل نقابة الاطباء في عدم ملاحقة ناشري الاعلانات الطبية التي لا تخضع لاحكام قانون النقابة لان هذا من اختصاصها حسب المادة 35 المشار اليها في اعلاه، أما بالنسبة لسرية اجراءات التأديب يجب ان يتم تغيرها لتكون علنية كما يجري في كندا او امريكا او اوروبا، فيمكن لأي شخص الاطلاع على مواعيد جلسات محاكمة الاطباء ومعرفة التهمة وحضور تلك الجلسات ومن ثم يمكن معرفة قرارات اللجنة التأديبية، واذا تبين ان هناك تهم باطلة قصدها التشويه فعندئذ يحق للطبيب ملاحقة هؤلاء في القضاء .
أما الأمر الآخر والمهم الذي يجب تنفيذه بشكل فوري، هو وضع قائمة تصنيف واسماء الاطباء المرخصين والمعتمدين كل في مجال اختصاصه مع المعلومات عن كل منهم مثل بلد التخرج وسنيين الخبرة ومجال تخصصه، ليتيح للمريض التأكد من ان الطبيب الذي ينوي اجراء عملية جراحية له معتمد، وكذلك المستشفيات المعتمدة لاجراء العمليات ونوعيتها .
كما هو واضح بأن هناك تقصير في تنفيذ احكام القانون من قبل نقابة الاطباء، وفي هذه الحالة من المفترض ان تقوم الحكومة الاردنية ممثلة برئيس وزرائها حسب المادة 79 بتنبيه النقابة ولفت نظرها حول هذا الاهمال، لأن المخالفات التي تجري تقع في وضح النهار ، بسبب ان النقابة لا تقوم بدورها التنظيمي.
وهنا أعود واذكر دور نقابة الاطباء السلبي، الذي منع الزامية التأمين لدى الاطباء الممارسين ضد الاخطاء والاهمال الطبي بحجة ان الاموال ستذهب الى شركات التأمين، وبكل أسف وافق مجلس النواب في ذلك الحين على تعنت نقابة الاطباء، وها هو المجتمع الاردني يدفع ثمن ذلك نتيجة الاهمال الطبي المتعمد بدون تعويضات وكأن حياة المواطن الاردني رخيصة.
نتكلم عن الشفافية ليلا ونهارا ولكن لا نمارسها، والسؤال الأهم هل هذا فساد طبي ويستوجب تدخل هيئة مكافحة الفساد؟ .
م. وائل سامي السماعين
waelsamain@gmail.com