هذا هو الوصف الأمثل لرئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك، والذي سيدخل بهذا الوصف تاريخ اقدم دولة استعمارية مستمرة على وجه الارض منذ القرن السادس عشر الى يومنا هذا، وسوناك وبكل تأكيد يفاخر بدخوله نادي رؤساء الوزراء في مملكة عريقة مثل المملكة المتحدة، فمن خلال هذا المنصب الرفيع يكون سوناك قد تحرر من لون بشرته و «هنديته» التي شكلت رمزا صارخا للعبودية البريطانية لعدد كبير من شعوب العالم، لكن هذا التحرر والتفاخر الذي ينتشي به سوناك في هذه اللحظة، هو تفاخر كاذب، وتحرر وهمي، فالرجل اختار عبودية جديدة اكثر «س?ادا ومهانة» اعادته قسرا الى جذور العبودية «الام» التي ابتلى بها اجداده، اختار الصهيونية المقرونة والمرتبطة بالرأسمالية المتوحشة في عالم المال والمصارف، اختارها طواعية وبكامل ارادته على غرار تمسكه بعبوديته «للبقرة المقدسة» التي قدم لها الشكر وفروض الولاء والعبادة والطاعة لانها ساهمت حسب تقديره وتفكيره في منحه هذا المنصب الرفيع.
الرئيس الاميركي الاسبق بارك اوباما الذي كان هو الاخر اول صاحب بشرة غير بيضاء يحتل المنصب الاهم في العالم، كان اكثر ذكاء، فرئيس لاميركا وليس مدعوما من الصهيونية العالمية وتحديدا من «الجهات المختلفة من المنظمات الصهيونية الاميركية»، هو امر مستحيل؟!!
ومع ذلك حاول اوباما اخفاء «تصهيونه» لدرجة لافتة من الذكاء، وقدم نفسه خلال خطابه التاريخي في جامعة القاهرة في الرابع من حزيران عام 2009 بصورة اظهرته يمد يده للعرب والمسلمين ناصحا، بنبذ الاسلام المتطرف والسعي لايجاد تفاهم وحوار عميق بين العالم العربي والاسلامي من جهة والغرب من جهة اخرى، غير ان واقع الحال كان عكس ذلك، فادارة اوباما هي من قامت بصناعة اخطر «قنبلة» سياسية وعقائدية مركبة كادت ان تنهي المنظومة العربية بكاملها، وهنا اقصد صناعتها لـ"داعش» كاسلام متطرف وفي الوقت نفسه دعمها للنقيض «الاخوان المسلمين» كاسلام معتدل، وكان الهدف الاستراتيجي من هذه الخطة الخطيرة تدمير الاستقرار في عاصمتي «الارتكاز والاستقرار» العربيتين بعد سقوط بغداد بالفوضى الا وهما القاهرة ودمشق.
هذا هو باراك اوباما كان يعلن انه مع حل الدولتين واقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران عام 1967 عملا بقرار مجلس الامن 242، وكانت اداراته على الدوام تدين بناء المستوطنات وسلوك المستوطنين، اما السؤال كيف قدم الهندي ابن الملة الهندوسية نفسه للناخب البريطاني والعربي والاسلامي؟
لم يمارس سوناك «التقية السياسية» التي مارسها اوباما باخفائه نواياه، ولا ادري هل سلوك سوناك هو نوع من الفجور السياسي ام هو نوع من الايمان «بالقدرية الصهيونية» التي أوصلته لحلم ربما للحظة الراهنة لا يصدق انه تحقق.
يقول سوناك ما يلي:
• اعلن سوناك استعداده لنقل سفارة بريطانيا الى القدس المحتلة باعتبارها عاصمة اسرائيل الابدية وهو موقف لم يسبق ان حاول اي رئيس للوزراء في بريطانيا الاقتراب منه لانها تعد شرخا خطيرا في تعاملها مع القضية الفلسطينية يماثل خطورة وعد بلفور.
• رفض وبشكل قاطع اعتبار «اسرائيل» دولة فصل عنصري رغم اجماع المنظمات الحقوقية الدولية والمدنية على ذلك وعجزه عن تبرير رفضه لتلك الصفة، والاخطر قوله انها دولة ديمقراطية نابضة بالحياة متعددة الأعراق تتمتع بصحافة حرة وسيادة القانون، وإنها تقف كمنارة مشرقة للأمل في منطقة ذات أنظمة استبدادية ومتطرفين دينيين.
هذا النموذج واقصد «اوباما- سوناك» بات اختراعا سياسيا وسيكولوجيا خطيرا لتزييف الوعي ونشر الوهم في فهم الديمقراطية وتحديدا تلك التي تقدم صناديق الاقتراع على المفاهيم والقيم الانسانية وبخاصة ما يتعلق منها بحرية الشعب الفلسطيني.
(الراي)