لا تجعلوا التافهين قدوة لأبنائكم
المحامي حسام حسين الخصاونة
30-10-2022 04:27 PM
من يتتبع العالم الافتراضي اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، سيجد بأن غالبية الأشخاص المشهورين والمُتابَعين، وهم -مع الأسف- من صار يُطلَق عليهم اسم "مؤثرون في المجتمع"، لا يقدمون في حقيقة الأمر أي محتوى يخدم أي فئة من فئات المجتمع، بل هم غالبًا يقدمون محتوىً تافهاً، ويقومون بتصرفات حمقاء، ولا يحترمون أخلاق مجتمعنا، ولا يحترمون الأديان ولا العادات ولا التقاليد، ولكن وعلى الرغم من هذا المحتوى التافه والأحمق، فإن هؤلاء التافهين مع الأسف متابعون من قبل شبابنا وأبنائنا وبناتنا، ويحصدون ملايين المشاهدات والمشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي، وللأسف من خلال متابعتنا لهم فإننا نعتبر شركاء وداعمين لهم، ونساهم بشهرتهم وكسبهم الأموال وتحقيق الربح، ونتهافت عليهم لتسويق المنتجات بغض النظر عما يقدمون من أفعال وتصرفات دخيلة على مجتمعنا، ونضع مكاسبهم المادية كمبرر لهذه التصرفات التافهة، وكأن المادة قد أصبحت كل شي في هذا الزمن، بغض النظر عن طريقة جلب المال.
يقول الجاحظ: (لا تجالس الحمقى، فأنه يعلق بك من مجالستهم يومًا من الفساد ما يعلق بك من مجالسة العقلاء دهرًا، فإن الفساد أشد التحامًا بالطبائع).
وللأسف، ففي زماننا الحاضر، وبعد الانتشار الكبير لهؤلاء التافهين، أصبح شبابنا يبحثون عنهم ويسعون للوصول إليهم والجلوس والتقاط الصور معهم، وكأنهم أبطال أو علماء وأصبحوا قدوة لأبنائنا، وما هم فيه مطمحٌ عزيز المنال لمعظم شبابنا، بتحقيق ما حققوه من شهرة ومتابعين وكسب الأموال، بغض النظر عن مستواهم الثقافي المنحدر والتافه، وألفاظهم البذيئة، وكأن الزمن قد انقلب رأساً على عقب، من زمن الحق والقيم والأخلاق إلى زمن الحمقى والتافهين، وأصبح العاقل والمفكر والأديب غريبًا في هذا المجتمع، وه مضطر للتعايش وفق أحكام وعادات وضعها الحمقى والتافهون، فعقدة هذا العالم هي أن (الأذكياء فيه مليئون بالشكوك، بينما الحمقى على ثقة كاملة)؛ تشارلز بوكوفسكي.
وقد نجحت مواقع التواصل الاجتماعي بجعل هؤلاء التافهين رموزاً، وأطلقت عليهم لقب "مؤثرين في المجتمع"، وعليه فإنه يتوجب علينا كأمة عربية، وكأمة إسلامية محاربتهم، حيث أن هؤلاء التافهون يقومون بغسل أدمغة وعقول أبنائنا وبناتنا، ويشوهون عاداتنا وأخلاقنا، وينشرون سمومهم بين جميع أفراد المجتمع، وأصبحوا حديث الشارع والمجتمع، وأصبح المثقف والملتزم بدينه وعاداته غريب بين أفراد المجتمع، وانشغل شبابنا بمتابعتهم وتقليدهم، وابتعدنا عن العلم والتعلم، فصار واجباً علينا نحن كمسلمين، أن يكون قدوتنا رسولنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، فالقدوة هو الشخص الناجح، والنموذج الذي يمكن الاحتذاء به، وأن الأبناء ينشأون مقتدين بالوالدين وأخلاقهما وسلوكهما، فللطفل قدرة عجيبة على التقاط كل ما يشاهده، أو ما يحدث من حوله، والاحتفاظ به في ذاكرته، فكونوا أنتم ورسولنا الكريم قدوة لأبنائنا وشبابنا، ولا تتركوا التافهين والحمقى أسوتهم، واخرجوا من حساباتهم، والغوا متابعتهم، ولا تساهموا في شهرتهم، لأنكم سوف تكونوا شركاء لهم، ومذنبون بحق مجتمعكم ودينكم ومقصرون في تربية أبنائكم.
حاربوا التافهين وإياكم ثم إياكم أن تجعلوهم قدوة لابنائكم