يظن قصيرو النظر في السياسة والاعلام العربيين أن محاولات تغييب خبر فلسطين في الإعلام سيجعلهم ينجحون في مشروعهم المشبوه في محاولتهم تغييب قضية شعبها عن الأذهان.
فخبر فلسطين الميداني يكاد يختفي من الإعلام العربي بعد أن ألقت أجواء التطبيع مع الكيان الإسرائيلي ظلالها على الساحة العربية ، ففي الوقت الذي تكون فيه المدن الفلسطينية تدك بآلة الحرب الإسرائيلية المجرمة وتهدم البيوت على ساكنيها ويقتل الناس هناك بدم بارد ، يدير الإعلام العربي بقصد ظهره عن هذا الواقع ويغرق مثلا في تغطية الحرب الروسية الأوكرانية بطريقة تفوق تغطية الإعلام الغربي أو الروسي وكأن هذه الحرب أصبحت في عمق الأمن العربي ، وهذا لم يأت بالصدفة بل عن تخطيط وقصد ، فالمراد أن تتراجع القضية الفلسطينية في أذهان الشعوب العربية بكل السبل والمخططات ، وفي مقدمتها التغييب الإعلامي أو التجاهل الإعلامي ، فبعد أن كانت وسائل إعلام عربية تتفاخر بأنها صاحبة المساحة الأكبر في تغطية الحدث الفلسطيني أصبحت هي ذاتها تتهرب بشكل واضح ومقصود من هذا "العبء" التي ربما بات مخلفات لها بضوء الأوضاع العربية المستجدة على ساحة ما كان يسمى الصراع العربي الإسرائيلي.
يظن هؤلاء أن تغييب فلسطين عن الإعلام سيغيبها عن الأذهان ، وستتراجع أهميتها عند الشعوب العربية ولكن النتيجة دائما تكون عكس المراد ، في كل مرة يظن هؤلاء أنهم نجحوا في مرادهم تعود فلسطين من حيث لا يحتسبون على الساحة العربية والدولية ، لأن الفعل الميداني هناك لا ينقطع ومستمر باستمرار الإحتلال ، وإصرار الشعب الفلسطيني على التحرير يقوى يوما بعد يوم في المقاومة ورفض الواقع المرير الذي يريد الإسرائيليون ومن خلفهم فرضه عليهم .
يغيب عن البعض أن فلسطين قضيتها عصية على النسيان أو التغييب ، سواء على الصعيد السياسي أو الإعلامي لأنها قضية حياة أو موت لأصحابها ، ويتناسى هؤلاء أن عشرات الأجيال ولدت منذ المؤامرة على فلسطين واحتلالها ، وكل جيل حمل الشعلة بإصرار أكبر وعزيمة أقوى ، إن الذين يظنون أنهم سينجحون في فرض الأمر الواقع على الأجيال الفلسطينية وأن هذه الأجيال سترضخ لمخططاتهم ، واهمون .. وتاريخ القضية عبر العقود شاهد على ذلك ، فقد ولى ذلك الزمان الذي كان يخطط فيه لمصير فلسطين في القاعات المظلمة عبر القاعات والمحيطات ، ويجد أصحاب هذه المخططات من ينفذ مخططاتهم على الأرض ، فهذا العصر ، عصر المقاومة والرفض والإصرار على التحرير .