حسب تقرير (غالوب) العالمي، احتلّ الاردن المرتبة الخامسة عالمياً في معدّل التعاسة، فهل نحن حقاً، أفراداً ومجتمعاً من التعساء؟ .
التعاسة داء يدمر الحياة، ويفسد الإستمتاع بما هو جميل في الحياة، ربيعاً طلقاً ضاحكاً، يجعل وجه الأرض لوحة فسيفسائية، وهو داء يدمر الحالة النفسية والمعنوية للفرد والمجتمع، ولا أظنه تعيساً، على الرغم من المصداقية والموضوعية التي تتصف بها استطلاعات (غالوب).
أما الإنسان التعيس فيرى أن الحياة صعبة، وإن قدرته على تحقيق توقعاته في الحياة في أدنى مستوى، وأن ما يمكن عمله لا يصل إلى المستوى الذي يجعله قادراً على السيطرة على ظروفه... ولا أظن الإنسان الأردني تسكن فيه مثل هذه الحالة.
ويمكن القول إن منهج حياة الإنسان ما هو سوى ترجمة لنواتج تفكيره واختياراته السلوكية، وليس بسوء حظ أو استسلام لظروف صعبة أو حالات توتر يمر بها الأنسان.
لقد تنبّه علماء النفس والاجتماع لحالة التعاسة التي تعتبر استثناء في حياة الإنسان فخرجوا بنظريات واجتهادات وأساليب لتعديل السلوك الإنساني، ويمكن القول إن من ابسط تلك الإجتهادات ما يعرف (بنظرية تحفيز الإنسان، أو نظرية الدوافع الإنسانية) والتي أصبحت تعرف (بهرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية) والتي تنسب إلى (إبراهام ماسلو) وانتشرت لأول مرة سنة (1943).
وتكتسب هذه النظرية أهمية بِسَبْر غور الحاجات الإنسانية، والانتقال به إلى حياة تصالحية مع نفسه وذاته، إذا ما تمت تلبية تلك الحاجات، بدءً بالحاجات الحياتية (البيولوجية) لتمده بالعيْش والبقاء؛ والأمن والأمان يمنح الإنسان القدرة على التفكير السليم والمبدع؛ ولما كان الإنسان بطبعه إجتماعياً، فهو بحاجة إلى الاحترام المتبادل في الأسرة والمجتمع المحلي والمجتمع الكبير، وتحفزه هذه الحاجات إلى تقدير ذاته، والإسهام في رفد مجتمعه بما يمتلك من مواهب وقدرات وابتكارات.
قدمت هذا الشرح المبسط لنظرية نفسية- اجتماعية، ليدرك الإنسان الأردني أنه ليس بتلك التعاسة التي صنف بها مجتمعة بين الامم؛ وإن الظروف الصعبة التي تواجهه أو تفرض نفسها على نمط حياته، لا تجعل منه مستسلماً للتعاسة، وما هي الاّ تحديات لا بد من مواجهتها بثقة وتصالح مع النفس، وتفاؤل في المستقبل مصحوباً بالتخطيط والعمل.