تنازل دائم .. مقابل تعهد عائم !
عاصم العابد
17-10-2010 03:47 AM
الحراك الإسرائيلي الداخلي، يؤشر على سياسات اسرائيلية جديدة، يتم وضعها موضع الاختبار والتطبيق. فالضغط الهائل الذي يتم على العرب في القدس المحتلة او على عرب فلسطين 1948، لا حدود له ولا مواراة ولا استتار من مقارفته، وسحق التطلعات والمطالب السياسية لعرب فلسطين والتمييز الاسرائيلي العنصري، المادي والمعنوي، الذي يتم في كل المؤسسات، وعلى كافة المستويات، التشريعية والقانونية، والتغييرات في جهاز التربية، والاجراءات والجهود الدبلوماسية التي ترمي الى بناء وانشاء الهوية اليهودية لإسرائيل، وقوانين الولاء والاقصاء المقترحة مؤخرا، كلها سياسات واجراءات يومية، تمارس على مستوى الدولة، وتحظى بمباركة الاحزاب الاسرائيلية الفاعلة والمقررة، والتهديد بطرد عرب فلسطين من ارضهم وبترحيلهم القسري الى النقب (او غيرها!!)، ليس مجرد فزّاعة ولا تهديدا استعلائيا تمليه غطرسة القوة وزعرنة القادر الفاجر.
ان المطالبة المحمومة والاصرار الصارم على « الاعتراف باسرائيل دولة للشعب اليهودي»، مقابل اسقاط «علمانية الدولة» التي تتمثل في شعار: «دولة لكل مواطنيها»، علاوة على اجراء «بروفات ميدانية» على الإرتدادات الإقليمية والدولية وردود فعل عرب فلسطين 1948 وعرب الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، على جريمة التهجير والتشريد بالقوة والإكراه المتوقعة، علاوة على ان تصريحات آراد عضو الكنيست الاسرائيلي ضد الاردن وضد شعب فلسطين وآماله وحقوقه التاريخية المشروعة، بتكرار اعلانه ان «الاردن هي فلسطين»، هي تصريحات جوفاء او هلوسات مرفوضة.
ان التهيئة والتحضير للقفزة الصهيونية القادمة، انسجاما مع عقيدة ( التوسع- الاستيطان- التوسع...) تتم بقذف افكار وحلول وشروط، لا يمكن تلبيتها او قبولها، فنتنياهو يطلب من القيادة الفلسطينية الموافقة على «دولة الشعب اليهودي»، وهو تنازل فلسطيني جوهري دائم، مقابل تعهد بتجميد للاستيطان وهو تعهد اسرائيلي مؤقت عائم، وسمك في بحر وعجة بلا بيض !!
ومعلوم ان القناعة الاساسية، والعقيدة الدينية – التلمودية – السياسية، لرئيس الوزراء الاسرائيلي، التي يخلص لها، وتشكل اعمدة معبد تحالفاته السياسية الكاسحة، مع الاحزاب الدينية الاسرائيلية المتطرفة في الكنيست، تتلخص في قوله وشعاره الذي ألقاه بوضوح امام حزبه المتطرف: «لا توجد مصلحة اكثر اهمية من ضمان الهوية اليهودية والديمقراطية لإسرائيل».
هذه الجملة - الشعار- النهج - الدستور - الميثاق ، الليكودي الاسرائيلي، تعيدنا الى رأس الصفحة والى اول الكلام، حيث أشرنا الى (سياسات اسرائيلية جديدة، يتم وضعها موضع الاختبار والتطبيق)، نرى انها تشبه ماكينة في طور الاحماء والتشغيل، وان صرير تروسها وفحيح عجلاتها سرعان ما يصم آذاننا ويغشى عيوننا.
ما العمل؟ فلسطينيا وأردنيا وعربيا ودوليا ؟؟
انه سؤال المرحلة الحار والصعب والواقعي، الذي لا مفر من مواجهته، ولا طائل من ارجائه اعتمادا على عقلانية نتنياهو، وعلى حصول تبدل درامي في بنية المجتمع الاسرائيلي وتركيبة الكنيست، لجهة التعقل والانصياع للحق والعدل والشرعية الدولية والضغوط الامريكية والرباعية. ودائما تصبح مؤثرة ومقبوضة ومحترمة، تلك الحلول التي تعتمد على عناصر قوة الامة وعلى روح المقاومة والكفاح والجهاد والتحدي، وليس على شفقة الغزاة ورحمتهم، تلك الشفقة التي لم نسمع ان امة حصلت عليها من غاصبيها، ورحمة لا تأتي مطلقا.
أردنيا، علينا ان نستعد للأسوأ القادم، الذي يتربص بالمنطقة ويحوم حولها، بفعل الغطرسة الاسرائيلية، ومقارفاتها المتطرفة وسلوكها الارهابي وبنية قيادتها التي لا تعرف الا لغة القوة، سبيلا للتعامل مع الغوييم والاغيار الاشرار، ولطالما حذّر الملك من مخاطر انسداد الافق واستشراء الظلم وانعدام الامل وتفشي اليأس، ولطالما دعا العالم الى مزاولة مسؤولياته تجاه السلم العالمي والعدل والحق واستقرار شعوب منطقتنا، التي تشكل شريان طاقة العالم، ولتفادي الآثار المدمرة والمخاطر المؤكدة ان استمر الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية، وان استمر حرمان شعب فلسطين من حقوقه الانسانية في الامن والحرية والاستقلال.
علينا تمتين جبهتنا الداخلية لمواجهة قوى الشر وتحطيم آمال الحقد والغطرسة الصهيونية.
Assem.alabed@gmail.com
الراي