أعرف أن كثيراً من الرجال يجيدون الطبيخ أكثر من نسائهم ..و بالنسبة لي فإن طبيخ الرجل أزكى بكثير من طبيخ المرأة إلا إذا كانت تلك المرأة هي أمّي ..الأعراس و الولائم الكبرى عادة ما يحيّد الرجال النساء عنها و لا يسمحون لها بالطبيخ ..حتى أن شاعراً مرهف الحسّ مثل غازي الذيبة ينتظره أبناؤه عندما يشمّر عن ساعديه و يدخل المطبخ ويعد لهم ما شاءوا من التخبيص الجميل ..
و اعترف لكم بأن مطبخي يبعد عني ثلاثة أمتار فقط ..ولا أعرف فيه إلا الثلاجة و الكولر و ميداليات الشاي و علبة القهوة ..ما عدا ذلك ؛ إذا ما حكمت عليّ الظروف أن أنفرد بالمطبخ للضرورة ..فإن المطبخ يتحوّل إلى مكان يصعب المشي فيه نتيجة الأشياء تهبط على الأرض و أنا أبحث عن صحن معيّن مثلا ..
لا أعلم من أين أتى العربي بثقافة العيب في دخول المطبخ ..ولماذا يخجل الكثيرون من تقشير البصل و تقطيع الثوم ..؟! لماذا العربي يصرّ على أن يأتيه طعامه إلى حيث يجلس ..وإذا وجد من يضع اللقمة في فمه فلن يوفر ذلك ؛ بالعكس سيكون سعيداً ..
العربي مهووس بالعنطزة و الفنطزة و العنجرة و الفشخرة ..العربي لا يتقن إلا طحن الكلام و عجن البطولات الزائفة و خبز المستقبل الذي لا يأتي.
الطبخ تفاصيل دقيقة ..إذا أتقنها الرجل سيتحوّل إلى حنون و رومانسي ..لكن هيهات ..ترك المطبخ مملكة للمرأة ومضى يبحث عن مملكته في النوم و الكسل و العنجرة و الهزيمة ..لذا ؛ أغلب النساء ملكات في البيوت و أغلب الرجال عبيد داخل البيت و خارجه ..!
(الدستور)