عادة ما اذهب الى صالون الحلاقة او " المزيّن " كل سنة مرّة .. على طريقة اغنية فيروز ، زوروني كل سنة مَرّة.
والسبب أنني كائن " ملول " و " كسول " ولا اتحمّل " ثرثرة " الحلاقين " ولا " سائقي التكسيات ".
واذا ما لاحظت زوجتي بأن شَعري .. طال ، تقوم هي بتقليمه والموضوع كله ، اربع شعرات على الجانبين.
بعد اكتمال السنة، ذهبتُ إلى " الحلاّق " الذي زرته آخر مرة.. وتشابهت عليّ الاشكال والأشخاص، فسالته: اكيد بتعرفي.. انا جيتك آخر مرة قبل سنة ؟، اندهش الشاب!، وقال : "عمّي شكلك غلطان.. انا اول مرة بشوفك".
وسألت عن " الحلاّق " السابق ، فقيل لي انه " ترك " العمل لبعد المسافة بين الصالون وبيته.
تعارفنا على مضض.. وسألني عن المطلوب وأخبرته عن ذلك.
وجاء بالمقص وأخذ يدور ويلف حولي.. وأخذ يشكو لي سوء الأحوال المعيشية.. خاصة بعد أن عرف أنني " صحفي " / متقاعد.
قلت له الحياة تحتاج إلى صبر وبخاصة لمن يعول أسرة ولديه التزامات بيتية.
فقال انا مش متزوّج، سألته: لماذا ؟، قال : انت في الاردن وبتسأل ؟.
وكرر ما أسمعه في كل جلساتي مع عامة الناس.
وأشار إلى أنه ينوي السفر إلى " امريكا " لأن الحلاّق هناك يحصل على 400 دولار يوميا.. وهنا راتبه لا يزيد على ال 300 دينار في الشهر.
وزاد : خالتي هناك وهي أكدت لي أنني اذا سافرت لامريكا رح أوكل الشَّهد يقصد العسل.
قلت له : وما أدراك بذلك .. ممكن تندم.. "مش كل الناس سعداء في امريكا".
قال: خالتي هناك ومتزوجة من رجل أمريكي ورح تزبّطني.
سألته عن عمره ، فقال " 23 " سنة.
واستطرد الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن الأردني .
اكتشفتُ انه " فتكَ " بمعظم شعراتي، ولم يبقَ الاّ ظلال شعَر .
وقال: "أظن هيك كويّس يا عمّي".
وعاد للموضوع وقال إن خالته لديها ابنة " أمريكية " واكيد رح تزوجني بنتها "ومش رح ارجع ع البلد" .
قلت له : وهل أهلك سيوافقون على هجرتك عنهم ؟.
قال " الوالد مات وامي لا تتدخل بحياتي وانا شخص حُرّ نفسي.
وأنهى كلامه بجملة " نعيما " عمّي.
وخرجت على أمل اللقاء به في العام .. القادم ..
وقلت له : سلّم لي على خالتك .