سيادة القانون أولا وأخيرا
د. زيد نوايسة
25-10-2022 09:43 AM
عندما تتوافر إرادة حقيقية لتفعيل سيادة القانون دون تردد أو مراعاة، يوازيها عدم الاستسلام لفئة الفوضويين الذين يوظفون وسائل التواصل الاجتماعي لإثارة الفتنة والنعرات الاجتماعية وارباك المجتمع واثارة الرأي العام؛ سنتمكن من تلافي الكثير من المخاطر التي لو تركت دون علاج ستحدث اختلالات نحن في غنى عنها.
الفوضى التي تحدث على وسائل التواصل الاجتماعي بعد كل حدث سواء كان رياضيا أو اجتماعياً أو ثقافياً وحتى شأناً عائلياً تتجاوز حدود إبداء الرأي أو التعبير في الحدود التي تجيزها منظومتنا الدينية والقيمية وعاداتنا أمر لا يمكن أن يقبله أي إنسان يؤمن بهذا البلد وأهله.
لا مشكلة في أن يبدي الانسان رأيه في القضايا والاحداث العامة، مع احترام هذا الحق سواء كان مؤيداً أو معارضاً؛ ولكن ضمن الحدود التي يتوافق عليها المجتمع دون أن يذهب الامر لإثارة العصبيات بأشكالها المتعددة الموجودة في كل مجتمع، وتجنب الحديث في الشؤون الخاصة والعائلية وهي من المحرمات الدينية والأخلاقية وبالتأكيد لا تدخل في باب حرية الرأي؛ فالفرق هنا شاسع بين حق التعبير عن الرأي في القضايا العامة وبين التدخل في تفاصيل حياة الآخرين، ليس من حق أي انسان أن يتدخل في الحياة الشخصية لأي انسان آخر لمجرد أنه يملك حسابا على مواقع التواصل الاجتماعي.
قبل أيام تصرفت الأجهزة المعنية بحزم مع مجموعة من مشجعي الأندية الرياضية الذين اثاروا من خلال مقاطع فيديو أو التعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي ما يهدد السلم الاجتماعي وتمت احالتهم للقضاء وهذا هو الاجراء الطبيعي الذي تحرص عليه الجهة المعنية بأمن المجتمع وسلامة المواطنين؛ هذه قضية لا تهاون فيها لأن ترك الحبل على الغارب لمن لا يدركون عواقب الأمور قد يؤدي بنا لمنزلقات خطيرة.
من يتابع الارتدادات المباشرة للإجراءات الرسمية بتحويل كل هؤلاء المسيئين للقضاء يدرك أن هذه السياسة التي تستند لسيادة القانون أولا واخيراً هي أنجع وأفضل وسيلة وهي ما يجمع عليها كل مواطن حريص على البلد وامنها وسلمها الاجتماعي.
مجرد تصفح سريع لمواقع التواصل فيس بوك، تطبيق تكتوك، تويتر وغيرها بعد تحويل مجموعة من المسيئين للقضاء وإظهار الحزم والجدية، نجد أن كثيرا من مقاطع الفيديو التحريضية شطبت والتعليقات التي تثير العصبيات والكلام المسيء تراجعت بشكل كبير نتيجة الإحساس بأن سياسة عدم التهاون اتخذت مع كل ما يمكن أن يخل بأمن المجتمع ومن خلال تطبيق القانون والاصل أننا جميعا متفقون بأن لا أحد فوق القانون.
لا يمكن أن ينجح أي مجتمع بمواجهة التحديات التي تواجهه على اختلافها إذا لم تكن العدالة وسيادة القانون هي القاعدة الأساسية التي يخضع لها الجميع وفي كل مناحي الحياة، ودون محاباة أو تمييز وبشفافية عالية، ومن نافل القول هنا إن لدينا سلطة قضائية تتمتع بسمعة ممتازة وعلينا جميعا أن ندعم اجراءاتها.
الغد