اعاد الحزب الشيوعي الحاكم بالصين بحلته الليبرالية الاقتصادية انتخاب الرئيس الصيني تشي جين بينغ من المكتب السياسي وسقط منافسه واسقطت سياسات جيتاو بعد اعادة انتخاب تشي الذي بدوره اسقط خيارات التعددية القطبية من الورقة السياسية كما مسألة الحوار السياسي حول تايوان، وهذا ما يعني ان الخمس سنوات القادمة ستكون ثنائية القطبية امريكية - صينية كما ستكون تايوان تحت المظلة الصينية بالقوة، تلك هي الرؤية التي اقرها المكتب السياسي مع انتخاب تشي جين بينغ .
وهو المعطى الذي يحمل في طياته الكثير من القراءات منها ما يستنبط مصير الاتحاد الروسي في الميزان القطبي، واخر ما يتحدث عن السياسية الجديدة التي ستحملها هذه التجاذبات الامريكية-الصينية ومدى تاثيرها على مسرح الاحداث السياسية والاقتصادية، وكما في مجال الصناعات المعرفية التي ينتظر ان تدخل الصين ضمن هذه المعطيات كطرف يمتلك التصميم المعرفي وألا يقف عند حدود التنفيذ والتصنيع كما كان عليه الحال في السابق .
وهو ما سيجعل من طبيعة الاحتدام القطبي في المستقبل المنظور تشكل عناوين اخرى في المنافسة تجاه الصراع المداري وفي التنافس التجاري كما بطريقة الاستحواذ السوقي وتأمين التجارة العالمية، وهذا يعني ان العالم سيكون منقسم بين اتجاهين احدهما يمتلك النوعية واخر يمتلك القدرة على توفير الكمية ضمن مستويات سعرية متفاوتة الامر الذي جعل الصين تكون في المحصلة الدولة المصدرة لجنوب العالم ويجعل من الولايات المتحدة الدولة المصدرة لشماله، وهو استخلاص تفرضه حالة المستويات المعيشية في المجتمعات المنتجة والمستهلكة وهو ما قد يسقط بظلاله على المجتمعات الشرق اوسطية التي ينتظر ان تعيش حالة من التناقضات بين
المقتضيات الاقتصادية والامن الاستراتيجي.
وحسب التوقعات الصينية التي رشحت من اروقة المؤتمر، فان روسيا ستخرج من المنافسة القطبية لاعتبارات استراتيجية يتوقع اخراجها من اطار المنافسة الحيوية وجعلها تقبع في ميزان العداء والتضاد وهذا لن يؤهلها للعودة لميزان الضوابط الراشدة، بل ان هذا سيضعها في صيغة اخرى بالمنازل الاقليمية ذات الابعاد المناطقية المحددة مثلها مثل اوروبا وتركيا والهند البرازيل .
وبهذا يكون الساسة في الصين قد استقروا حول رأي خسارة روسيا في معركة البقاء القطبي في حرب أوكرانيا وذهبوا بالاتجاه الذي تم رسمه بين الحزب الديمقراطي والحزب الحاكم الصيني لاعادة ترسيم الحالة القطبية لتكون بثنائية المحور وليست بتعددية الاتجاهات .
وهو استخلاص من شأنه اعادة تحديد نقاط الاستقطاب التي ينتظر ان تتخذ البعض منها مسارات اقتصادية وتنموية فيما تذهب اخريات تجاه الضوابط الامنية الاستراتيجية، وهو ما سيعيد رسم موازين القوى ضمن معطيات جديدة تقوم على ثنائية القطبية بين امريكا - الصين وهذا ما سيعلن انتهاء نتائج الحرب العالمية الثانية امريكا وروسيا ووحدانية القطبية التي قادتها امريكا بعد انتهاء الحرب الباردة وعودة العالم للدخول فى مسارات ثنائية القطبية من جديد على ايقاع امريكي - صيني هذه المرة .