بدايةً ، لابد من رسالتين يقتضيهما بعض واقع الحال…
١: إلى الأشقاء غربي النهر: مقاومة صلف الاحتلال حق مشروع للإنسان الفلسطيني، لكن الأمل أن يتم الحساب الدقيق في التوقيت ،لمنع استغلال الدم الفلسطيني الشريف في بورصة الانتخابات الإسرائيلية من الآن وحتى الأسبوع القادم، ونحن شرقي النهر قيادةً وشعباً موحداً سنبقى سندكم ودعمكم الدائم .
٢: إلى الأجداد والآباء شرقي النهر: وإذْ تتذكرون دموعكم الدافئة في الليالي الباردة الماطرة قبل ثلاثة وعشرين عاما وداعا للملك الباني تغمده الله بواسع رحمته، حريٌ بكم أن لا تنسوا تعليم أبنائكم وأحفادكم وصية الحسين: من يطعن في وحدتنا الوطنية هو عدوي إلى يوم القيامة .
وبعد ، فعوْداً على ذي بدء، فإن كان النتاج العملي لجهد اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية هو قانوني الانتخاب والأحزاب والتعديلات الدستورية المرتبطة بهما، فإن اللجنة التزمت أيضاً توجيهات جلالة الملك بتقديم التوصيات ليس فقط من أجل تمكين المرأة والشباب ولكن أيضا -وقد اخذت اللجنة بمرجعية الأوراق النقاشية السبعة لجلالته - قد وضعت مجموعة كبيرة من التوصيات تمثل أغلب حاجتنا لما تتطلبه عملية بدء نهضتنا الثانية التي نطمح لتحقيقها ونستحقها. وما زلت آمل أن لا تبقى تلك التوصيات حبراً على ورق.
وإذا كنا فعلاً نريد للقادم أن يكون أفضل، وأن لا يتأخر حصاده فعلينا الأخذ بالأسباب ، فثلاثية التطوير السياسي الاقتصادي الإداري لن تكون على مسارها الصحيح الا إذا كانت عربتها = الإنسان الوسيلة والغاية = قد وصل إلى حالة ثقافية ذهنية ومعرفية تؤهله للمضي قدما في الإنجاز، وأول التغيير هو الاعتراف بالعيوب وتركها وعدم الخجل من دراسة تجارب الناجحين في هذا العالم ، وأخذ ما يلزمنا منها أياً كان مصدره ، ودون خجلٍ أو إبطاء .
ولقد وذكرت في مقالٍ سابقٍ أن زملائي سفراء الدول التي حققت قفزات ونهضاتٍ سريعة ( ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية ) أجمعوا في ردهم على تساؤلاتي حول ذلك أن بيت القصيد الأول في نهضتهم - بعد القرار السياسي - هو تحقيق التغيير الجذري في قطاع التعليم ، ومنذ مقاعد الدرس الأولى، ومازلت مقتنعاً أن العقل والمنطق والقياس لابد أن يؤيد ما ذهب إليه هؤلاء السفراء ،فنهضتنا تتطلب البدء بتهيئة جيل التغيير الآن ، ليمتلك بعد حوالي عشرين عاما بنية فكرية وعملية قابلة لحمل أعباء نقلنا من دولة نامية إلى دولة متطورة ينعم إنسانها بالحياة الأفضل.
وهكذا فيجب أن لا نخجل من القول بأن سرّ البداية يكمن في مناهجنا المدرسية - تغييراً جذرياً- وهيئاتنا التعليمية - رفعَ سويةٍ وتدريباً - ، وهنا يكمن التغيير والتطوير والتدريب المستهدف ، و طوبى لأولئك الذين حملوا راية التغيير في العملية التعليمية برمتها برغم ضغوطات ( قوى الشد العكسي).
لن نحقق نتائج تطوير ثلاثية السياسية والاقتصاد والإدارة إنْ لم نبدأ بتحقيق غاية تغيير حالتنا الثقافية و العديد من المفاهيم المعيقة لتحركنا نحو المستقبل المنشود …نحو النهضة الثانية .