في الحسابات ؛ يستحي الفقراء من ذكر التفاصيل الصغيرة ..بل يسقطونها ..قد يقول لك إن دخلي (300) دينار ..يعدد لك أجرة البيت و الكهرباء و الماء و مصروف الأولاد والأكل و الشرب و رسوم المعاملات و أجرة المواصلات ..ولكنه لا يذكر لك التفاصيل الأخرى الثابتة لديه ..
لا يذكر لك ثمن شفرة الحلاقة ..و الحلاق كل شهر مرة على الأقل ..لا يذكر لك الفوط بكل أشكالها و أحجامها ..لا يذكر لك الصابون الذي دائماً ينتهي من المغاسل و كيف تتحول الصابونة التي يستخدمها إلى «قشرة» شفافة ترى الكون من خلالها ..ولا يذكر لك ثمن زجاجة العطر الرديء (أبو ليرة) الذي تتبجح به في الأسانسير مثلا لتترك فيه ما ترك أحدهم أو احداهن..لا يذكر لك قهوة بيته التي تحيل وجهك إلى ألوان إن زارك ضيف فجأة ولم يكن في بيتك ( تلقيمة ) واحدة ..لا يذكر لك ثمن بطاريات ريموت التلفزيون أو ريموت الريسيفر ..لا يذكر لك كم لمبة كهرباء تنحرق كل شهر و أنت تستبدل لمبة هذه الغرفة بلمبة الحمام مثلا ..لا يذكر لك الشامبو العائلي الذي كل مطلبك منه أن يصنع رغوة فقط ..لا يذكر لك كم أنت بحاجة إلى ملابس داخلية وأن التي عليك لو رآها أحد لاعتقد أنها كانت في سباق الرماية لكثرة ما فيها من خروق و خزوق ..لا يذكر لك صراعه الشتوي بين صوبة الكاز والغاز والكهرباء ..لا يذكر لك ..لا يذكر لك ..لا يذكر..
المصاري التي يحسبها لك هي العناوين العريضة فقط ..مع أن التفاصيل الصغيرة هي نكد الحياة إن فقد ثمنها ..و سعادة الحياة ان توفرت ..
الدستور