كما في كل عام، وخلال الندوات والمحاضرات التي تحدثت فيها، كانت بعض أسئلة الحضور حول الكتابة الساخرة تقول ما معناه:
- ارحموا هالبلد لماذا تركزون على السلبيات وتنسون الإيجابيات إحنا أحسن من غيرنا انظروا إلى النصف المليان من الكأس، وما الى ذلك من هكذا مداخلات، أحترمها لكني لا اتفق معها
أولا، لماذا لا يحق لي معرفة من الذي شرب النصف الفارغ من الكأس، ثانيا، لاأعرف لماذا يفترضون بأن على الكاتب الناقد أن يكون وكالة أنباء، ينبغي أن تركز على الإيجابيات أيضا، مع أن دور الكاتب هو أن ينتقد السلبيات، بينما الإيجابيات هي وضع طبيعي ينبغي أن يكون، ويحصل مقابلها المسؤول الناجح على الرواتب والامتيازات. الصحيح والسليم هو القاعدة، وليس الاستثناء. ثم إذا امتدحنا المسؤول الناجح، فماذا نترك للمتذبذبين والوصوليين وما شابههم؟
الناقد أكثر رحمة ببلده من المسحج والمصفق لكل شيء، والناقد حتى لو بالغ في النقد، فهو يقوم بذلك من أجل تعرية العيوب وتضخيمها تحت المجهر وجعلها أكثر قباحة، حتى نستطيع الابتعاد عنها وتجاوزها، بدل أن نغطيها بمساحيق المدح والرياء والمداهنة الحمقاء.
الذين يكسرون الدول هم المصفقون الذين يزينون الباطل للمسؤولين، حتى يصدق هؤلاء بأنهم عباقرة، وأن افعالهم الحمقاء هي قمة العبقرية، فيتهتك النسيج الاجتماعي، وتتحلل مؤسسات الدولة بسبب الفساد والإفساد والتسيب المسكوت عنه ..المغطى بطبقة حلوة من الرياء القاتل ، فتقع الكارثة، فيراقبها المسؤول بدهشة ، ويعتقد حتى آخر لحطة أن المواطن هو مجرد ناكر جميل ..أو يصحو في الثانية الأخيرة ويصرخ:
- الان فهمتكم.
وأنتم ..... ومع اعترافنا بحقكم في النقد، أما آن لكم ان تفهمونا، وتدركوا أن النقد هو الذي يصلح الاعوجاج وينقذ الدول والمؤسسات من الفساد والتراجع؟
أما آن لكم أن تعرفوا ان النقد-حتى المبالغ فيه-لم يدمر أي مجتمع يوما،إنما المدح المبالغ فيه هو المدمر والمفسد، أبد الدهر؟
الدستور