من المناسب جدا هذه الأيام وبعد إغلاق أبواب الترشيح للمجلس القادم للنواب تذكير الإخوة المواطنين بهذا الحديث الشريف, حيث قال صلى الله عليه وسلم (لا يكن أحدكم إمعة,يقول إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت, ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن ألناس أن تحسنوا وان أساؤوا أن تجتنبوا إساءتهم.) صدق رسول الله. هذه دعوة من رسول الله أن يكون لنا موقفنا الخاص ولا ننجر وراء الناس تتقاذفنا آراؤهم كيفما يشاءون, دعوة للبشر أن يحكموا عقولهم هم ولا ينقادوا وراء غيرهم.
تشهد هذه الأيام حراكا سريعا ويزادا سرعة كلما قرب وقت الانتخاب, وسيزورك من لا تعرف, و(يجهد بلاك) ببيان من لم ترى في حياتك. فجأة تصبح (ابو فلان) الرجل المهم الذي لا يُقطع رأي دون راية. فهذا يدعوك لمقاطعة الانتخابان, وهذا يشككك بنزاهتها إن لم تفلح دعوته للمقاطعة, وأخر يدعوك لتصوت له. مشهد يتكرر كل أربع سنوات إلا إذا حُل المجلس بإرادة ملكية كما حصل بالسابق.
أخي الكريم:
تقتضي مصلحة الوطن أن نستجيب لدعوة جلالة الملك بالمشاركة بالانتخابات, فهي حق دستوري ولكن جلالته أيضا طالبنا بأن نرسل نحن من يساعد السلطة التنفيذية (الحكومة) على تنفيذ توجهات الملك. ولكن مع هذا إذا أردت أن تقاطع الانتخابات فهذا شأنك فنحن في بلد ديمقراطي, ولكن احرص على أن لا تكون بوقا لغيرك, واحرص على عدم دعوة الناس للمقاطعة, فكما أنك فكرت وقررت أن تقاطع فدع الآخرين يفكروا بنفس الطريقة, فربما توصلوا إلى قرار مخالف لقرارك. فلا تحجر على عقول الناس. لذلك إذا قاطعت فيجب أن يكون هذا قراراك أنت لا قرار غيرك, فلا تكن ريشة في يد غيرك.
إن المرشحين كثر ولذلك سيكون لك مطلق الحرية أن تختار من يمليه عليك واجبك تجاه الوطن. نعم تكثر الوعود وتكثر الطلبات , ولكنك ستقف لوحدك أما الصندوق لتدلي بصوتك. وصوتك أمانة كما يقول المرشحون واعلم أنك ستسأل عنه أمام الله, فلا تعتقد أن الأمر يسير. فعندما تمسك بالقلم فارسم اسم المرشح الذي ستفخر مستقبلا انك انتخبته, وتباهي به الدنيا.
هناك الكثير من الإجماعات العشائرية وهي أكثر من الإجماعات التي حدثت بالأعوام السابقة. لذلك أعتقد أنها لن تكون ملزمة للكثير. فهناك شعور عام بأن هذه الاجماعات على مرشح هي السبب الرئيس الذي جلب لنا المجلس السابق. فالأمل معقود عليك أيها الناخب الكريم أن تختار ما يمليه عليك الواجب الوطني وليس العشائري, واعلم أن رسولنا الكريم قال " من أقسم على شيء ووجد خيرًا منه فليكفر عنه بيمينه" بمعنى أن يترك ما أقسم عليه، ويكفر عن قسمه، ويفعل ما وجد أنه خير, فلا إجماع الا على مصلحة الوطن.
لقد تحدثت في مقال سابق بعنوان (الناخب الذي نريد) أن من ينتخب هو من يحق له أن يحاسب البرلمان وأعضاءه وأضيف هنا أن من ينتخب الكفء هو من يفوز. أما من يقاطع أو ينجر وراء الإجماع العشائري فلا يلمون إلا نفسه.
هذان الحديثان للرسول الذي لا ينطق عن الهوى يوجهانكم لاتخاذ الأنسب والأصلح والخروج من أي التزام حزبي أو عشائري ليس فيه مصلحة للوطن, واعلموا أن من يقاطع الانتخابات علنا سيعود لها من الباب الخلفي.
سيروا على بركة الله وحكموا عقولكم قبل عواطفكم ولتكن قلوبكم مع الوطن, فالوطن فوق الجميع.
alkhatatbeh@hotmail.com