يبدو ان الضفة الغربية كما يصف بعض المتابعين بدأت تدخل في مرحلة حرب باردة عميقة واخذت تحول ايقاع الانتفاضة من نموذج انتفاضة سلمية شعبية كما بدأت الاولى الى انتفاضة عسكرية كما كان عليه الحال في الانتفاضة الثانية لانتفاضة ذات محددات امنية وضمن ادوات استخبارية تضبط ميدان الحركة وميزان التحرك الشعبي بالاجهزة المنظمة كما يصفها المتابعين بنموذج جديد في الانتفاضة الحالية، وهذا ما يجعل مناخ الحركة الشعبية في الميدان ماطر باستراتيجية عمل منتظمة مرتبطة روابط امنية في الطابع ومؤيدة في الحواضن الشعبية في المضمون .
ولعل عملية شعفاط ورمزية عدي التميمي في المقاومة تظهر ما تحويه هذه الانتفاضة من دلالي واضحة لرمزية المقاومة حتى انها اخذت تشكل نموذج للتعاطي الامني بطبيعية الاحداث السائدة، وهذا ما يمكن ربطه بعمليات عرين الاسود في نابلس التي اخذت تشكل مضمون لحاضنة مناطقية بائنة يشاطرها بذلك مركز جنين بابعاده الاستراتيجية الذي اخذ بدوره يشكل مركز ثقل عميق للانتفاضة الثالثة بحلتها الامنية والاستخبارية وبعنوانها الجديد كنموذج للانتفاضة الفلسطينية الثالثة .
ما يمكن قراءته من تفاعلات الموزنة مع ظروف الاقتحامات وتعاملاتها المنتظمة مع المقتضيات الميدانية وهو ما يجعل من الانتفاضة الثالثة بصيغتها الامنية تقوم على محددات ثلاث تقف ركائزها على التحصين المناطقي في مناطق A وعلى الاستحواذ المناطقي في مناطق C وعلى الاشتباك الميداني في مناطق B .
وأما الابعاد السياسية الكامنة التي تريد ترسيمها هذة الانتفاضة الامنية فهي استراتيجية وليست آنية كونها تحوي محددات ثلاث تقوم على عودة القضية الفلسطنية لتشكل ثقل واولوية في ميزان الاحداث السياسية من منطلق ذاتي وليس من اسقاطات موضوعية وتسقط بظلالها على الساحة الاسرائيلية المتأرجحة يمينيا والثانية تأتي من واقع تشكيل ارضية عمل للوحدة الوطنية التي باتت منقسمة جغرافيا ومقسمة حزبيا واما الثالثة فتقوم لاعادة عامل الثقة بين الحواضن الشعبية وبيت القرار السياسي بحلته الامنية من على وقع مرجعية أمنية وليست حزبية كما كان عليه الحال في السابق وهذا ما يجعل الخطوط الناظمة للانتفاضة الثالثة خطوط عميقة لكنها منسجمة في طبيعة المشهد الاقليمي السائدة بعد ما تحول الملف الفلسطيني من ملف سياسي الى ملف امني من الناحية الاستراتيجية .
ولعل زيارة حسين الشيخ وماجد فرج لواشنطن تأتي بهذا السياق كما يصف ذلك بعض السياسيين، كونها جاءت قبل الزيارة الهامة التي سيقوم بها الرئيس الاسرائيلي هرتسوغ للبيت الابيض قبل الانتخابات الاسرائيلية، الامر الذي يشيير ان هنالك قضايا مركزية يتم بحثها والحديث حولها وحول الواقع العام في الضفة الغربية كما يتم التفاهم حول شكل الترتيبات الامنية القادمة التي بدأت تأخذ منحى جديد قد يسمح بدخول قوات امنية متداخلة تحفظ للمقدسات المقدسية امنها في المقام بالنصف الثاني من عمر فترة بايدن الرئاسية .
بهذا تكون الضفة الغربية قد دخلت في أتون انتفاضة ثالثة، لكن ذات مدول استخباري هذه المرة فتنتفض من وقع عمليات مركزة وتعمل ضمن جمل امنية باطنة وليست ظاهرة في المقياس العام، الأمر الذي يجعل الضفة الغربية تعيش مناخات الحرب الباردة.