كانت الأسرة في المجتمع الأردني وحتى عهد قريب تشكل نواة للالفة والمحبة والرابطة الدافئة والطاعة والانصياع لرأي الاب والام والأخ الأكبر والأخت الكبرى وربما يمتد ذلك إلى هيبة وسلطة الأقارب، وكان دور الأسرة والأقارب يشكل حصنا منيعا ضد الانحراف والعقوق والخروج عن المألوف.
وكان الحياء الايجابي والخوف على السمعة الطيبة رادعا لاقتراف الممنوعات والمحظورات وممارسة القيم السلبية وارتكاب المخالفات والجرائم والسلوكيات المشينة.
ومنذ ثلاثة عقود بدأت الأسرة تفقد هيبتها وسلطتها وذهب المجتمع نحو التفكك والتشتت وغياب الرأي العاقل والانحراف والشذوذ وفقدان القيم الأخلاقية ابتداء من عدم طاعة الوالدين والتوجه نحو التصلب والحرية المزعومة واستقلال الشخصية ونعت العرف والعادات الأصيلة بالتخلف.
وربما يكون الانفتاح على الثقافة الغربية ونقلها إلينا عنوة والاستجابة لدعوات المنظمات الدولية في إطلاق حرية المرأة وحقوق الطفل ونشر الأفكار التي التي لا تناسب مجتمعنا وعقيدته وعاداته وتقاليده عبر وسائل الإعلام المختلفة ومنها وسائل التواصل الاجتماعي والتلفاز والقنوات الفضائية والانترنت والهاتف الذكي وما إلى ذلك من وسائل تحمل في طياتها الخير والشر، ولكن شرها اكثر تأثيرا وانتشارا من خيرها على اعتبار قاعدة كل ما هو ممنوع مرغوب في تحقيقه.
لذا انتشرت الرذيلة والممارسات غير الأخلاقية وآفة المخدرات التي تسببت في جرائم كثيرة ومتعددة منها، حوادث السير وجرائم القتل والسطو واستخدام السلاح والسرقة والاعتداء على الآخرين والخروج على هيبة الأسرة وسطوتها وتهديد المجتمع بأسره.
وساهم انتشار الفقر والبطالة وثقافة العيب وحب الذات والرغبة في الانفلات في تكريس الجريمة بشتى أشكالها.
إن الخروج من هذا المأزق لا يكون الا بمعالجة الأسباب والوقوف عليها سببا سببا وتحليلها ووضع اليد على مفاصل الألم واستنباط الحلول الناجعة ليعود المجتمع إلى رشده ويتحقق السلم والامن والاستقرار الاجتماعي.