دراسة سيادة القانون التي اعدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومركز الدراسات الاستراتيجية تعطي الامل بان الكفاءات العلمية والخبرات المحلية في الاردن ما زالت تمتلك الرؤية الواقعية لحالة المجتمع وقادرة على الوصول الى نقاط الضعف ومعالجتها شريطة توفر ارادة التغيير عند السلطات المعنية.
الدراسة التي أُعدت بعد التشاور مع شخصيات من مختلف اطياف المجتمع الاردني شخّصت حالة اسباب العنف المجتمعي وخرجت بجملة من التوصيات اكاد اجزم انها تشكل نقطة ارتكاز لاي مشروع اصلاحي ترغب الدولة السير فيه.
التوصيات كانت شاملة من التعليم الى الامن الى القضاء والاعراف العشائرية وغيرها من الامور التي اوصت الدراسة بضرورة الاسراع في تحديث الكثير من جوانبها لكي يكون في النهاية القانون هو سيد الادارة للعلاقات داخل المجتمع.
منظومة التوصيات لمعالجة ظاهرة العنف المجتمعي لا يجب ان تتعامل معها الدولة وفق الشكل التقليدي الذي اعتادت عليه في وضع الدراسات في ادراج المسؤولين, هناك ظاهرة مقلقة تهدد استقرار المجتمع في كل المحافظات وهي العنف المجتمعي, ولا بد من السير بسرعة لتدارك تداعيات هذه الظاهرة الخطيرة التي عصفت بالعلاقات بين شرائح المجتمع المختلفة.
اهم ما في الدراسة ان توصياتها قابلة للتنفيذ في اطار زمني قليل قد لا يتعدى العام, ناهيك عن ان الكلف المادية التي قد تتحملها الخزينة لا تعادل كلف معالجة اي مشاجرة بالوسائل الامنية, لذلك فواقعية تنفيذ التوصيات تفرض على الحكومة اخذ الدراسة بعين الاعتبار في اجراءات الاصلاح التي تنفذها.
لا يمكن لمسيرة التنمية ان تتعزز وفق الشكل الذي تريده الحكومات وقد ابتعد المجتمع عن قيمه واستخف مواطنون بالقانون وتجرأوا عليه, فاحترام القانون له مدلول حضاري وراق للمجتمع.
لو ان دراسة سيادة القانون اعدتها احدى الشركات الاجنبية الاستشارية بملايين الدنانير من اموال الاردنيين لاشارت لدى الحكومات وبعض الجهات التنفيذية بالتأكيد على وسائل الاعلام على اعتبارها منقذا للوضع الاجتماعي في المملكة, وقد جربنا في الاردن دراسات تلك الشركات الاستشارية الاجنبية التي كان وكلاؤها على رأس السلطة التنفيذية, معظمها كان ترجمات لادبيات وانظمة غربية لا تمت بصلة للواقع الاردني, وقد روجها بعض المسؤولين واستطاعوا ان يجعلوها اهم القوانين الاردنية النافذة, وسرعان- بعد ان استنفدت موارد الخزينة- ما فشلت تلك الدراسات في احداث اي اثر ملموس في المجتمع واختفت بعد فترة وجيزة.
اليوم لدينا دراسة أُعدت من قبل كفاءات اردنية مشهود لها بالنزاهة والشفافية والموضوعية وتمتلك من القدرات الذهنية الكافية للوصول الى نقاط ضعف حقيقية في المجتمع وتلمس احتياجاته, وهم يعملون في مراكز حيوية محلية يريدون ان يقدموا للحكومات دراسات تغنيهم عن الترجمات الفهلوية التي اعتادت عليها الحكومات في السابق, ولا تكلف الخزينة الاموال الباهظة, فما يمنع الحكومة الاستفادة من تلك الدراسة وغيرها من الدراسات التي يعدها المجلس الاقتصادي ومركز الدراسات وتوظيفها لصالح السياسات الحكومية ودفع عجلة الاصلاح للامام?.
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم