غياب الشباب عن الأحزاب، الإرتياب الكثيف
د. نضال القطامين
19-10-2022 03:57 PM
في امتداد ضحالة الوعي الحزبي العام، وبينما تحشد مؤسسات الدولة كامل جهدها لدفع الشباب نحو قبول العمل الحزبي، وإقناعهم بالإنضواء تحت راياته، يتراءى إرتيابهم الكثيف الذي صنعته ظروف الدولة في العقود الماضية، تلك التي بنت سدّا عاليا في وجه انخراط الناس في نطاق عمل حزبي حقيقي، ذي هيكل وطني متين لا تعبث به المصالح ويطرح حلولا قابلة للتنفيذ في السياسة والإقتصاد.
فرضت ظروف الدولة في عقد الخمسينات وما تلاها صورة قاتمة كان الناشط الحزبي فيها مشروع مغرد خارج السرب، وإن كان ثمة ذرائع ومسوّغات لرسم تلك الصورة فرضتها شروط تلك المرحلة، فبلا شك أنها ساهمت بشكل كبير في توسيع الفجوات بين الشباب والأحزاب.
اليوم، نحن مدعوون للتفكير قليلا خارج النطاق التقليدي.
يبدوا باهضا وشاقا إدماج الفئات العمرية من الكهول وما يليهم في الفكرة العامة لدخول الأحزاب، وربما لن تفضي تجربة تخصيص مقاعد للأحزاب وفق القانون الجديد، بنتائج عميقة، حيث ما زالت العشائرية والمال السياسي لاعبان أساسيان في التشكيل النهائي للإنتخابات.
كيف السبيل إذاً وقد بات يقينا أن العمل البرلماني الحقيقي المستند لتمثيل داعم من الشارع هو بوابة العبور نحو حلول اقتصادية وسياسية؟
الإجابة تبدو سهلة وميسّرة.إنها ببساطة استهداف النشء الجديد، ذاك الذي تصل نسبته من المجتمع نحو 70% وهو الذي لا تحمل ذاكرته تجارب مريرة في العمل الحزبي، من طلبة المدارس والجامعات ومعاهد التدريب، وهي كذلك، تغيير حقيقي في أدوات الإقناع، وأدوات التمكين، وغرس قيم انتخاب مغايرة تستند على انتخاب الفكرة والبرنامج وليس الشخص.
في قراءة سريعة لمشروع نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية في مؤسسات التعليم العالي، تتبدى أولوية التوافق مع فكرة إقناع الشباب بالعمل الحزبي، على أن تكون الضوابط ميسرة غير معقدة، والتقاط الإشارات التي تخرج بها وسائل الإعلام عن "حزبيين"، والدعوة لنقاش وطني طلابي لمشروع النظام، فهو المحدد إن كنّا نسير في طريق سريع لتنفيذ الفكرة الوطنية العامة، أم لا نفعل سوى إعادة أنتاج وتدوير للمعيقات التي كبّلت العمل الحزبي عقودا.