في العام 2009 كتبت عن هذه المادة، وكتبت ثانية عنها في العام 2017 ولاعتقادي بأهمية ما كتبته خاصة وأنه يتعلق بمادة دستورية رأيت أن أعيد الكتابة عنها للمرة الثالثة عسى أن نفهم مضمونها وما ترمي اليه. بل ولنفهم لماذا إمتنعت الحكومات كافة عن تطبيقها في مخالفة دستورية صارخة جرى تجاهلها وعدم الالتزام بها من قبل الحكومات منذ صدور الدستور عام 1952 وحتى اليوم.

تنص المادة 45-2 من الدستور على ما يلي: "تعين صلاحيات رئيس الوزراء والوزراء ومجلس الوزراء بأنظمة يضعها مجلس الوزراء ويصدق عليها الملك" وكنت أسأل دوماً هل يملك أحد أو جهة ما من السلطة التنفيذية أن تضع صلاحية لنفسها؟ كيف يكون ذلك وهي لا تملك أن تحدد متى مهامها فكيف بصلاحياتها. فالمهام والصلاحيات سواء لرئيس الوزراء أو الوزراء أو لمجلس الوزراء مجتمعاً تقررها السلطة التشريعية بموجب قوانين.

سألت اثنين من رؤساء حكومات لماذا لم يتقيدوا بهذه المادة ولم أحصل على إجابة. ثم سألت ثلاثة من أساتذة الفقه الدستوري ولم تكن إجاباتهم تامة إذ قالوا لي في النهاية أن تساؤلاتي فيها شيء من المشروعية وتفاجأوا من عدم التزام الحكومات المتعاقبة بنص المادة.

ثم حيرني أمران: أن حكومة عبد السلام المجالي قد اكتفت بوضع نظام لما أسمته صلاحيات مجلس الوزراء فقط دون رئيس الوزراء والوزراء، ولكن مضمونه اختلف عن عنوانه فالنظام جاء على إدارة جلسات مجلس الوزراء ولم يأت على صلاحيات مجلس الوزراء أي أن مضمون النظام اختلف عن عنوانه. وأن حكومة دولة سمير الرفاعي الإبن هي الوحيدة قد وضعت وأقرت الأنظمة المطلوبة متقيدة بنص المادة الدستورية إلا أنها – وكما علمت- أوقفت العمل به بعد شهرين. لكني عندما سألت دولته أفادني بأن من جاء بعده هو من ألغى الأنظمة. وقد بحثت في أرشيف رئاسة الوزراء والحكومة تبين ان هذه الأنظمة غير موجودة حيث يجب أن تكون.

أفيدونا أيها المسؤولون الحاليون والسابقون.. أفيدونا أيها الخبراء والمختصون والقانونيون- أفيدونا بفهمكم لنص هذه المادة الدستورية وتفسيركم لها ولماذا لم تطبق حتى الآن ولماذا لم تحاسب الحكومات التي لم تلتزم بهذه المادة الدستورية ، وهل يستوجب الأمر طلب تفسيرها من المحكمة الدستورية؟