فاتورة مياه شهرية بآلاف الدنانير
وليد شنيكات
19-10-2022 08:16 AM
يدفع المواطن الأردني شهرياً قائمة طويلة من الفواتير والضرائب، تبدأ بالكهرباء والهاتف ولا تنتهي بالإنترنت، واليوم تريد وزارة المياه والري أن تضيف عبئاً آخر عليه بعد أن قررت أن تجعل فاتورة المياه من دورية كل ثلاثة أشهر إلى شهرية مطلع العام المقبل.
كنت أتمنى لو أن وزارة المياه والري جادة فعلاً في تقليل الفاقد وضبط الاستهلاك، وحصر الدعم بشرائح معينة، كما تدعي في كل مرة تقرر فيها استبدال الفاتورة الشهرية بأخرى ربعية وبالعكس كما تابعنا في هذه المرة، ففي جولة سريعة على شوارع محافظات المملكة تشاهد حجم الفاقد من المياه، أما بسبب الإهمال في الشبكات أو التعديات الكبيرة على الخطوط وتقدر بالآلاف.
الوزارة قالت إن هذا التوجه لن يمس تعرفة أسعار المياه، إضافة إلى أنه جاء "تخفيفاً" على المشتركين، وهذا كلام تعوزه المصداقية لأن هذا القرار ليس جديداً وتم العمل به في سنوات سابقة وجوبه بانتقادات واسعة من المواطنين بسبب الأخطاء والتشوهات التي رافقته وأيضاً التكلفة الكبيرة على فواتير المستهلكين، فكميات استهلاك المياه في العداد كانت غير حقيقية وغير ثابتة.
التجارب السابقة أثبتت فشل المشروع فالكل لمس كيف كانت الفواتير الشهرية تتأخر لعدة شهور متتالية، أو غير منتظمة مع نهاية كل شهر، فقد تصل في منتصف الشهر أو آخره، فضلاً عن المعاناة التي يتكبدها المواطن عند الذهاب إلى دفع الفاتورة والوقوف في طوابير طويلة، يعني معاناة جديدة تضاف إلى معاناة الناس اليومية.
أيضاً، الفاتورة الشهرية تضيف كلفة جديدة على المواطن من رسوم وضرائب مثل "المبلغ الثابت" وهو ضريبة مهما كان المسمى ويحدد بحسب كمية الاستهلاك، تقول وزارة المياه إنه بدل "خدمات مساندة" تقدمها شركة مياهنا ويغطي كلفة الخدمات الإدارية غير المرتبطة بكمية الاستهلال، أي أن المواطن سيدفع هذا المبلغ كل شهر بدلاً من ثلاثة شهور، وبذلك ستحصل الحكومة على مئات آلاف الدنانير من وراء هذا القرار قياساً بعدد عدادات المياه في المملكة.
الغريب أن وزارة المياه والري كانت أجرت استطلاعاً للرأي في العام 2012 عبر مديريات سلطة المياه، بشأن تخيير المواطنين بين الفاتورة الشهرية أو الربعية وأظهر أن أكثر من 85% من الذين استطلعت آراؤهم يرغبون في العودة إلى الفاتورة الربعية ووقف العمل بالفاتورة الشهرية.
وزارة المياه بإصرارها على القرار تتجاهل شكاوى المواطنين من نظام الفاتورة الشهرية الذي طبقته خلال سنوات ماضية، وللأسف نجد مسؤولين يدافعون عن القرار وعندما كانوا في مواقعهم في وزارة المياه يقولون كلاماً آخر، وهو ما يرجح أن المسألة تتعلق بتوفير السيولة المالية لخزينة الوزارة ليس أكثر.
قد يكون القرار يخدم أصحاب المحال التجارية والمجمعات وأصحاب المزارع التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، وهؤلاء يفضلون الفاتورة الشهرية حتى لا تتراكم عليهم قيمة الفواتير وسيضطرون لدفعها مرة واحدة، أو يدخلون في شرائح سعرية أعلى وهذا يحملهم مبالغ أكبر.
أذكر كم كنا نعاني من الارتفاع والانخفاض في كميات استهلاك المياه عند تطبيق نظام الفاتورة الشهرية رغم أن حاجاتنا تتعلق بالتنظيف اليومي، ومع ذلك كانت الفاتورة كبيرة، أي لا يوجد معدل واضح للاستهلاك في الفاتورة الشهرية بعكس ما كان في الفاتورة الربعية.
لا أدري إن كان القرار جاء بطلب من جهات دولية مانحة تقدم الدعم من أجل تطوير شبكات المياه في المحافظات وجرى الاتفاق معها على تحويل الفاتورة إلى شهرية بهدف تقليل الفاقد وضبط الاستهلاك، وحصر الدعم بشرائح معينة.
المشكلة ذاكرتنا قصيرة وننسى بسرعة والإعلام لا يدقق أو يتحرى الحقيقة، فقط يتابع ويكتفي بالأخبار التي تصله من دوائر العلاقات العامة في الوزارات من دون أن يبحث عن أصل القضية، وهذه واحدة من قضايا كثيرة وسبقها قرار الحكومة بتثبيت التوقيت الصيفي على مدار العام، أي إعلام غير مؤثر يعمل على شكل ردات الفعل فقط.