الائتلاف والاختلاف بين التربية والرياضة
د. ذوقان عبيدات
19-10-2022 12:51 AM
**العنف والرياضة ٢
تناولت في المقالة الأولي أهمية الرياضة وما قدمته لمختلف العلوم الإدارية من مصطلحات علمية خوفًا من قناصين محترفين يتهمونني بالعداء للرياضة كما اتهمونني بالعداء لأشياء أخرى أكثر خطورة ، ولذلك كتبتها، تمهيدًا للمقالات التالية.
وتتناول المقالة الثانية ما بين الرياضة والتربية من تباينات وائتلافات.
ليس من شكوك حول أن الحركة الرياضية جزء من الحركة التربوية، فالرياضة كما ظهر في مقالتي الأولى: إغناء للروح والعقل والجسد والتواصل والحوار، بل إن الرياضة أكثر فاعلية من المدرسة في تنمية هذه الجوانب. هذا من حيث المبدأ، أما من حيث الواقع فالرياضة الحالية في الأردن- وربما في بعض العالم فإنها تسير باتجاهات معاكسة!.
وسأبيّن فيما يأتي أين تلتقي الرياضة والتربية وأين تختلفان:
١- كلاهما تهدفان إلى بناء الفرد والمجتمع ، والإسهام في خلق الجمال والمتعة والعمل والأخلاق، فلا مزايدة على الأخلاق الرياضية. وكلاهما نشاط استثماري مستقبلي جذب كل أفراد المجتمع،فكما أنّ لكل فرد صلة مباشرة بالمدرسة والجامعة، له كذلك صلة بالرياضة سواء المنظمة أو الفردية، فالكل يمشي على الأقل، والكل يرى فيها نموًا لعقله وتنسيقًا لجسمه ووسيلة لبهجته وصحته، وإعلاءً لعواطفه ومشاعره. والتعليم والرياضة يقودان إلى نفس الغايات، وحديثًا صارت الرياضة تولّد علومًا مثل، علم النفس الرياضي ،وعلم النفس الاجتماعي، والتدريب والتسويق والإعلام والطب وغير ذلك.
فالرياضة كالتربية : حركة علمية تربوية أخلاقية استثمارية!.
وفي المقابل:
1-ارتبطت نشأة الرياضة بالعنف، فالمصارعة من أول أشكالها وكذلك الصيد والملاكمة، وهكذا فإن القسوة والعنف والرغبة في ازدراء الآخر بل وقتله هي من مقومات الرياضة، ولذلك فإننا قد نرى سلوكات غير إنسانية في عالم الرياضة مما ليس له مثيل في عالم التربية! بالمناسبة تخلصت التربية من الضرب و"الك اللحم وإلنا العظم".
2-النشاطات التربوية تغذي توجهات: رابح-رابح بينما لا تعرف الرياضة إلّا رابح-خاسر أو خاسر-رابح أو خاسر-خاسر، فلا بد من ضحية رياضية تشعر بالخذلان والخسارة.
3-والتربية تعترف بجميع أبنائها
ولا تصنف الطلبة بل تعترف بهم جميعًا طلبة ناجحين ،بينما الرياضة أدخلت إلى أذهاننا مقولة: يوجد أول أو بطل واحد فقط.
فالرابح في الرياضة فريق واحد، وكل الفرق الأخرى خاسرة . كلنا قد يعرف من بطل العالم، لكن لا نعرف من هو الثاني أو الرابع مثلًا!.
وعلى المستوى الفردي: هناك بطل واحد، والباقي ليس لهم ذكر. ففي الرياضة تصنيف وتمييز نوعًا وكمًّا.
4-والتربية تركز على النمو المتكامل: المعرفي والجسدي والحركي والعقلي والانفعالي والتواصل والحوار والاعتراف بالآخر، بينما تعطي الرياضة معظم اهتمامها للنمو الجسمي والحركي ، حتى قيل: يفكر لاعب الكرة بقدمه، ويفكر المدرب بقدم اللاعب! بل إن مكافأة البطل: حذاء "ذهبي". وقد ناقشت السيد بلاتر رئيس اللجنة الأولمبية الدولية حين قال: Football is kicking , فقلت له: It should be thinking not,kicking.
عندها انتبه وقال نعم : الرياضة تفكير!
5- وأخيرًا تدعو الحركة الأولمبية العالمية إلى قيم ثلاث:
الأقوى والأعلى والأسرع!. فلا يوجد بينها الخير والحب والجمال والكرم والوفاء!. هناك فروق أخرى، لكن يصعب حشدها في مقالة.
**هذه المقالة تمهيدا للبدء في مصادر العنف الرياضي المستمدة من المبادئ السابقة في المقالتين٢،١.