في ظل تداعيات ازمة الاقتصاد العالمي والتي تحاول الدول قاطبة امتصاص صدمتها تظهر على السطح وبشدة معاناة الاقتصادات الناميه والتي تواجه شبح الافلاس وثورات الجياع .
وقبل ان ندخل في صلب الموضوع لابد ان نعرج على الوضع العالمي اليوم، حيث تتبنى الدول الكبرى والصغرى سياسات نقدية متمثلة برفع اسعار الفوائد لتقليل العرض النقدي ومالية انكماشية تتمثل بخفض الانفاق واجراءات ضريبية مشددة لكبح جماح التضخم .
الدول النامية تعاني اصلا من مشاكل تباطؤ النمو وارتفاع نسب البطالة والتضخم خاصة بسبب فجوات الغذاء والطاقة، الامر الذي يعمق من جراحاتها .
الاقتصاد المصري ليس بمعزل عن هذه الهزات خاصة وان الاقتصاد يقف اليوم امامً تحديات كبيرة ابرزها تفاقم عجز الموازنة والذي يتوقع ان يفوق (30 ) مليار دولار وارتفاع المديونية بحيث يقدر ان تبتلع مدفوعات الفوائد وحدها اكثر من (45) % من ايرادات الدولة .
من ناحية اخرى نجد ان عجز الميزان التجاري في اضطراد بسبب ارتفاع كلف الطاقة وكلف المواد الغذائية مما فاقم من عجز الحساب الجاري.
قبل سنوات قام صانعو السياسة الاقتصادية في مصر بتعويم الجنيه وذلك بهدف زيادة الصادرات وتعديل الميزان التجاري ،ومن المعروف اقتصاديا بأن هذا الاجراء ينفع على المستوى القصير اما على المستوى المتوسط والطويل فان أثره يصبح عكسيا اذا لم يترافق ذلك مع زيادة وتنويع الانتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي .
اليوم يقف الاقتصاد المصري امامً تحدي كبير في ظل وجود فجوة غذائية بنسبة تفوق (65)% وفي ظل ارتفاع كلف الطاقة.
اذا الاقتصاد معرض لهزات التضخم المستورد المدفوع بالتكاليف والتي ستحد من قدرة المواطن على تلبية احتياجاته من الغذاء .
في المقابل فان خيارات التمويل ايضا صعبه في ظل ارتفاع كلف التمويل وارتفاع اقساط الديون والتي ستزيد عن (16) مليار دولار هذا العام .
الاشهر القادمة ستكون صعبة جدا في ظل توقع المزيد من رفع الفائده منً قبل البنك الفيدرالي الامريكي مما سيساهم في مزيد من تراجع سعر صرف الجنيه امام الدولار وبالتالي المزيد من العجز التجاري والتضخم وبمعنى اخر رفع تكاليف المعيشة على الموطنين .
صانعو السياسات في مصر يحاولون بكل جهد لامتصاص هذه الصدمات الخارجية ،حيث تم عمل الكثير من المشاريع لدعم قطاعات النقل والسياحة والصناعة، ولكن الوضع الحالي يفوق قدرات الدول خاصة وانه جاء مباشرة والعالم لم يتعافى من ازمة كورونا .
الدول العربية الغنية ودول العالم ذات الاقتصادات القويه امامها مسؤوليات كبيرة واخلاقية لدعم الاقتصاد المصري نظرا لاهمية الدور المصري في حفظ التوازن العالمي في منطقة الشرق الاوسط وعمقه العربي الكبير وفق خطط واضحة المعالم لتجاوز هذه الازمة وبأسرع وقت وقبل فوات الاوان.