سأكتب سلسلة مقالات علمية عن العنف في الرياضة موضحِّا مصادره: التربوية والرياضية والنفسية والاجتماعية.
وتتناول المقالة الأولى: فضل الرياضة على العلوم الأخرى، وما تقدمه للمجتمعات. ولذلك سأكون بريئًا من أي تهمة سيوجهها القناصون، ففي الرياضة قناصون كما في كل ميدان!
الرياضة كمفهوم علمي ليست حركات جسدية ، وليست لعبًا عبثيًّا، وليست مجرد نشاط استهلاكي! الرياضة كما يقول علماء الدماغ والأعصاب: تطوّر التفكير وتعمق التأمل وتعيد تنظيم الأفكار، وتحدُّ من التوتر، وتحفز التعلم، فالرياضة واحدة من أفضل طرق حماية الجسد والعقل، هذا ما تقوله د هيفاء الناصر ملحس في كتابها-تحت الطبع- احتفظ بعقل ثاقب!! حيث تضيف أن الرياضة تنتج مواد وهرمونات تساعد على جودة الذاكرة والتفكير المنطقي، وتفرز مادة بيضاء في الدماغ تقوي الروابط العصبية وتسهل مرور المعلومات، وتلخص د هناء أثر الرياضة بانخفاض خطر الوفاة لدى الكبار ،وزيادة الطاقة والمرونة ، وتعزز الثقة بالنفس، وتريح المزاج وتسعده، والأهم من ذلك كله:
تعيد توزيع كتلة الجسم بشكل متناسق، وتوزع الوزن بشكل سليم. هذه بعض فوائد الرياضة سواء كانت تنافسية أو عامة، فكبار السن كصغاره يحتاجون لرياضات يومية.
وعودة إلى ما تقدمه الرياضة إلى الفرد والعلم والمجتمع، فقد ألهمتنا الرياضة بالمبادئ العلمية الآتية:
١- وضعت أهمية التدريب المستمر، ففي الرياضة من لم يتدرب أمس لا يمكنه اللعب اليوم، واللاعب يتدرب أكثر مما يلعب بكثير، ولذلك عليه أن يكون جاهزًا بدنيًا، وذهنيًا. وعن الرياضة أخذت الشركات والمعلمون وربما العسكريون والعاملون فكرة التدريب المستمر.
٢-وقدمت الرياضة مفهوم الفريق والتنوع في الفريق، وكيف يشكل مختلفون فريقًا واحدًا، فالحارس والمدافع ولاعب الوسط والمهاجم يشكلون رغم اختلافهم فريقًا واحدًا، وهذا غاية ما تطمح له الشركات والمؤسسات والعاملون في كل مكان! فالفريق والتنوع والمارثون هي مفاهيم رياضية غزت علوم الإدارة.
٣-والروح الرياضية ، التي تعني التسامح ونبذ التعصب، وقبول الآخر، بل قبول الهزيمة وتهنئة الفائز، واللعب النظيف ، وحتى الكرت الأحمر والكرت الأصفر هي كلها خيرات رياضية شاعت في كل مجال.
٤- وللوقت في الرياضة تقسيمات هامة، مثل الوقت الأصلي والوقت الإضافي، والوقت المستقطع، والوقت الضائع، صارت كلها مصطلحات حياتية شائعة ويومية.
٥- وأخيرًا، وهو المهم، فإن الرياضة قدمت نموذجين للإدارة الحديثة هما: إدارة كرة القدم حيث التخصص الدقيق: مهاجم وسط ومدافع…الخ. ومع ذلك يعملون بتنسيق كامل.
والثانية، إدارة كرة السلة حيث يتحرك اللاعب في كل موقع ولا نعرف مهاجمًا أو مدافعًا ، فكل لاعب يقوم بجميع الواجبات! هذا النمط هو أرقى أنواع الإدارات والفرق في الشركات الحديثة.
هذا ما قدمته الرياضة! وهذا وجهها المشرق! إذًا من خلق العنف؟ هل هناك فرق بين الرياضة والرياضيين، كما الفرق بين الدين وبعض متدينيه ، أو بين التعليم وبعض منتسبيه؟
هذا موضوع المقالة الثانية: ما مصادر العنف في الرياضة؟