شباب «شعفاط» بدون شعر .. حكاية نضال
نيفين عبد الهادي
17-10-2022 01:00 AM
ليس سعيا للموضة الدارجة، إنما قصة نضال وحكاية صمود، ففي فلسطين وتحديدا في مخيم شعفاط المقدسية لم تعد «حلاقة الرأس تماما» موضة كحال باقي شباب جيلهم، وذلك بعدما وردت شباب المخيم أنباء تدعي بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي أن منفذ عملية حاجز شعفاط «السبت الماضي» الذي يبحث عنه الاحتلال الإسرائيلي كان أصلعا، فقاموا بحلق شعرهم بشكل كامل بهدف التمويه على الاحتلال وتعقيد عملية البحث عنه.
عن أي نضال نتحدث وعن أي صمود، فقد تجاوز الفلسطينيون ما عهدناه من قصص النضال، والتصدي للمحتل، ففي قرار شباب شعفاط حلاقة شعر الرأس تماما، مقدمين بذلك أكبر وأعظم رسالة للعالم بأنهم الأقوى والأقدر على مواجهة المحتل، رسالة من جيل ظنّت إسرائيل أنه قد نسي القضية ونسي فلسطين، جيل ما يزال يرى دربه للحياة هي فقط فلسطين حرة، ماضون بذات الدرب دون خوف أو تراجع إلى حين تحرير فلسطين.
الشاب الذي يدعي الاحتلال الإسرائيلي أنه نفّذ عملية شعفاط يوم السبت الماضي، هو شاب «أصلع» ليصبح كل شباب المخيم بعد ذلك منفذون لهذه العملية، ويصبحوا جميعهم دون شعر تماما، واضعين اسرائيل أمام حقيقة أنه وإن اختلفت اليد التي تدافع عن الوطن لكنها تصبح أمام المحتل مسوؤليتهم جميعا، وهكذا كان، بأن حلقوا شعر رؤوسهم، وبدت الصورة تحمل ذات المعالم لكافة شباب المخيم، والجميع مسؤول عن هذه العملية، فتوحيد التفاصيل والمعالم يجعل من المشهد أكثر حياة لنضال فلسطيني لم ولن يتوقف.
رغبة أهل المخيم في حماية الشاب المطارد من قام بعملية شعفاط، استمرار لمسيرة النضال الفلسطينية والمقدسية، ومضي نحو حماية الأرض حتى التحرير، وتطبيق القوانين والمواثيق الدولية، فهو سعي عملي لتعقيد عملية البحث عن أحد أبناء مخيمهم، وعمليا أتت هذه الخطوة بنتائج ايجابية، باعتراف اسرائيلي بأن الشباب حلقوا رؤوسهم لتعقيد عملية البحث، وأنه مثال آخر يدلل على السبب الذي يمنع من وصول الجيش للمطارد، وفق تصريحات الاحتلال الاسرائيلي، فهذا هو النضال الفلسطيني ضد محتل لم يبق سواه محتلا في العالم.
ولا يغيب عني وأنا أكتب كلماتي هذه حول حالة نضالية فلسطينية ناطقة بكل معاني الصمود، الحديث عن ما تشهده مدينة القدس المحتلة وأحياؤها منذ أكثر من أسبوع من اعتداءات اسرائيلية متواصلة واستفزازات من المستوطنين للمصلين في المسجد الأقصى وفرض الشرطة الإسرائيلية قيودًا مشددة على مخيم شعفاط، وغيرها من الانتهاكات التي ترقى لمرحلة جرائم الحرب، فهذه حال الفلسطيني «يسرقون رغيفه.. ثم يعطونك منه كِسرة.. ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم»!!.
فلسطين تناضل وستبقى بشبابها وسبلهم التي تشبههم وحدهم لغايات حماية تراب وطنهم، تحتاج لوقفات تساندهم، ومواقف تحمي حقوقهم، فهم يقفون أمام عواصف الاحتلال وحدهم في ميدان يساندهم به الأردنيون، الى حين نيل حقوقهم الشرعية وفقا للمواثيق والقوانين الدولية والثوابت الأردنية التي طالما أكد من خلالها أنها درب السلام الحقيقي.
الدستور