محمد فارس الطراونة .. رجل العدل والحكمة والصبر
د. نضال القطامين
17-10-2022 12:32 AM
راحلٌ آخر عن هذه الدنيا، متعبٌ بالإباء وبالمبدأ، كلُّ البصر عن حلقات هزائم الأمة، عن الحلم الذي نام عليه رفاقه في المهاجع وقد توسموا دولة عربيه قوية، تعب فغفا، ملقيا على كواهلنا رسائل القومية ومشروعها العروبي المبين.
باسم كل الذين يرون هذه الحياة كلمة وموقف، باسم الذين واظبوا على اعتناق المبدأ ولم تزلّ أقدامهم عنه، باسم الذين ترفع، أمام ناظرهم، من الأرض أعلامها القومية دون أن يُستنسخوا ودون أن يعرف هذا الجيل جهادهم، أنعي لكم جميعا، بقية الطيبين، القيادي الصلب، المجاهد النبيل أبا جاسم محمد فارس الطراونة، ابن الكرك والجنوب، ابن بغداد وعمان ودمشق، رجل العدل والحكمة والصبر، وأحد الذين آمنوا أن هذه الدنيا عقيدة وجهاد.
أبا جاسم الجميل، أغف جيدا على سفح في الكرك، دون أن تنسى مدن النضال ودون أن تنسى دعوات لها بالصمود في وجه مشاريع التصفية والتفرقة، ثم إلحق بالطيبين زملاء المعتقل والمهجع، وقل لأبي نضال، رفيقك في الجهاد، أنكم تركتم إرثا نبيلا، وأن أجسادكم المنهكة لم تعد تحتمل مزيدا من الوقائع ولا مزيدا من الإنكسارات، وقل له أنك قرأت كتابه مع صديقكم الاستثنائي منذر حدادين، وقد كان سيرة للعمالقة الذين تقدمت بهم العروبة على سائر الاهتمامات.
أبا جاسم، أيها الراحل الكبير، ولو كان ابو نضال، شاهدا على الرحيل، لقال ما قالته الخنساء..:
كأنّ عيني لذكراهُ إذا خَطَرَتْ.. فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ.....
لاَ بدَّ منْ ميتة ٍ في صرفهَا عبرٌ..
وَالدَّهرُ في صرفهِ حولٌ وَأطوارُ..
لروحك الرحمة والمغفرة، ولعائلتك الكريمة صادق العزاء، ولبقية الطيبين، العافية وطول العمر، ولنا مجدهم التليد....