السؤال الذي يطرق سمعك أينما جلست هو ( بالك البلد لوين رايحه)؟.
لماذا يتساءل الاردنيون حول مستقبل بلدهم ويلاحظ القلق في عيونهم ؟.
انها بدون شك حالة من ضعف الثقة بالمستقبل لها أسبابها ومظاهرها، ولعل أبرز تلك الأسباب ضبابية المشهد الداخلي والإقليمي والتراجع الكبير في تماسك ومتانة الجبهة الداخلية الأمر الذي دفع الى مبادرات او افكار لميثاق وطني او عقد اجتماعي جديد يعيد ترميم ما تصدع في واقعنا وقلوبنا، وغني عن الشرح ان دبلجة كلمات وشعارات في ميثاق لن يقدم ولن يؤخر بدون خلق واقع وطني جديد يعيد اعتبار المؤسسة الحزبية الوطنية والدور الايجابي للعشيرة كرديف وسند للنظام الديمقراطي وليس كتجمع نفعي محدود.
ولابد من القول أن القلق من المستقبل ليس فقط حالة شعورية عاطفية وليس حكاية حب قد ينتهي بالفشل وإنما هو ايضا حالة سياسية وحالة من فقدان الأمل تنعكس واقعا وتترجم الى إجراءات.
في الواقع ترتفع نسبه تعاطي المخدرات وتتزايد حالات الانتحار ويسيطر شوق عارم للهجرة على تفكير اعداد كبيرة من الناس وترتفع نسبة انواع من الجرائم فتتزايد الضغوط على السلطة القضائية وعلى المؤسسة الأمنية.
اما الاجراءت فسيكون أبرزها توسيع المؤسسة الأمنية التي لن تلبث حتى تصبح اكبر مؤسسات الدولة وتجد نفسها مضطرة التواجد في كل مفاصل الدولة.
ان القلق الحقيقي يصبح مضاعفا عندما تستثمر جهات خارجية الوضع الداخلي وتبدأ في خلق ضغوط خارجية مثل توترات حدودية، تهريب مخدرات واسلحة،، حرب نفسية واعلامية لخلق شرخ بين الشعب والنظام،، ضغوط اقتصادية، فترتفع النفقات الجارية في ميزانية الدولة لصالح المخصصات الدفاعية والأمنية وتنخفض النفقات الرأسمالية ومخصصات الصحة والتعليم والبنية التحتية،، فتتكون أزمة مركبة لن تجد طريقا للحل الا بإرادة سياسية عليا على توافق يجمع القوى الوطنية ويعيد تشكيل النخبة السياسية التي تدير شؤون الدولة.
ان سؤال مستقبل الدولة الذي يطرحه حتى بسطاء الناس يحتاج إلى شجاعة حكومية في الحوار وليس في عبارات التشجيع او المجاملة او النفي بالأضافة إلى أن حوارا كهذا سيكون دليل ثقة واستقرار النظام السياسي للدولة.
واخيرا فإن عنوان ( سؤال مستقبل الدولة) اكبر بكثير من الإجابة عليه بمقال.