على الرغم من تفرغ الجهات الرسمية لمعالجة أزمة الخيار وتخصيص جلسات لمجلس الوزراء لهذا الشأن واتخاذ قرار بمنع تصديرها ومواصلة اللجنة العليا للاسعار اجتماعاتها ولقاءاتها مع التجار إلا ان اسعار الخيار واصلت الارتفاع وبلغت 1.7 دينار للكيلو وهو امر غير مسبوق في تاريخ " الخيار الاردني".
الامر يكاد يكون مشابها للبندورة مع فارق ان سبب ارتفاعها بالدرجة الاولى هو وجود افة ضربت المحاصيل في الاردن ودول الجوار.
لكن الامر ليس مقتصرا على السلعتين السابقتين, فهناك كم كبير من السلع الغذائية بات خارج متناول جيوب المواطنين لارتفاع اثمانها بشكل كبير, وهو ذات الامر الذي يحدث في دول الجوار مع فروقات بسيطة, فتسونامي الاسعار يجتاح اسواق المنطقة, ويبدو ان لا احد قادر على ايقافه.
هذا صحيح, فالمسألة الادارية لضبط الاسواق خرجت فعليا من ايدي الحكومات, وباتت السيطرة عليها فعليا بايدي التجار, الذين فرضوا قواعد اللعبة التي يريدونها على القطاع العام, علما ان التسهيلات والحوافز التي حصلوا عليها في اطار خطة الدولة لتحسين تنافسية الاسواق وتفعيل قوى العرض والطلب هي من الحكومات التي سنت التشريعات والانظمة الخاصة بذلك.
التطور الحاصل في اسواق الاستهلاك كان يصب في صالح التجار وليس في صالح المستهلكين, بدليل ان الحكومات التي تنازلت عن دورها بسرعة وهلع للتجار وانسحبت من المعادلة الاقتصادية تحت شعارات تنظيم الرقابة والاشراف تناست خلق آليات لحماية المستهلكين الذين لم تشملهم رؤية الحكومات في ايجاد تنظيمات مؤسسية للدفاع عن حقوقهم.
في الحقيقة لم يعد بمقدور الحكومات ضبط الاسعار في السوق او حتى التلويح باجراءات تصعيدية في السوق لاعادة التوازن, فهي اضعف طرف في المعادلة اليوم, ولا تمتلك من الادوات ما يمكنها من استعادة ولو جزء بسيط من قوتها للتدخل بالاسواق لا من قريب ولا من بعيد, والتجارب الاخيرة شاهد حي على ذلك.
المطلوب في هذه الحالة قيام تحرك شعبوي من مختلف الاطياف يؤسس لحركة او لتظاهرة مؤسسية تعتني بحقوق المستهلكين, وتكون قادرة على الانخراط في معادلة الاستهلاك المحلية, وتمتلك مقومات التوجيه التوعوي في الارشاد الانفاقي, وتمتلك اساس التحريك في الضغط على التجار لاخضاعهم لتوجهات المستهلكين, فحرب الاسعار الان باتت بين التجار والمستهلكين.
مقاطعة البضائع هي اضمن وسيلة للضغط على التجار الذين لا يتجاوبون مع متطلبات الاستقرار والتوازن في الاسواق, وهذا لا يتم إلا من خلال جمعيات ومؤسسات وطنية شعبية ليس للحكومة علاقة في تنظيمها.0
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)