في عام 2015 عقد مؤتمر وطني في البحر الميت يناقش قضايا المغتربين الأردنيين في الخارج والوقوف على التحديات التي تواجههم ووضع آليات مستدامة للشراكة وتعزيز مساهماتهم في عملية التنمية والارتقاء بالخدمات المقدمة لهم، وأذكر حينها أنه شارك في المؤتمر عدد كبير من المغتربين، وخرج بتوصيات مهمة قيل إنها قابلة للتنفيذ.
وكان مجلس الوزراء في ذلك الحين أقر الإستراتيجية التي أعدتها وزارة الخارجية وشؤون المغتربين لتعزيز التواصل مع المغتربين الأردنيين والخطة التنفيذية لها، ودراسة مطالب وقضايا المغتربين مع الجهات المختصة في مجالات الاستثمار، والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي وقبول أبناء المغتربين في الجامعات فضلاً على قضايا تتعلق بالشأن الجمركي والراتب التقاعدي للمعارين والمجازين وقانون الانتخاب وازدواجية الجنسية والإجازة بدون راتب، وعقد مؤتمرات دورية في الأردن للمغتربين الأردنيين ودعم مقترحهم لتأسيس صندوق استثمار لهم، وكذلك دعم إنشاء مدارس أردنية في بلاد الاغتراب وتقديم منح دراسية لأبناء المغتربين.
التأم المؤتمر وانفض ولم يتغير شيء، كأنه صيحة في واد أو نفخة في رماد، المطالب التي أقرها مجلس الوزراء هي حقوق مشروعة للمغتربين قياساً بالدور الذي يقومون به من أجل البلد، وهذه ليست منّة بل واجب وطني، لكن في المقابل هناك واجب على الدولة هو أن ترعى حق هؤلاء المغتربين وتنفذ لهم هذه المطالب، اليوم المغترب الأردني يساهم بشكل كبير في دعم خزينة الدولة عبر الحوالات المالية السنوية التي تتجاوز المليار دولار، إلى جانب الحركة الاستثمارية والتنموية التي تحدث في البلاد.
للإنصاف هناك مطالب موجودة ويحصل عليها المغتربون، كما في قطاع التعليم، مثل المقاعد الجامعية في البرنامج العادي وهي تمثل 5% من نسبة المقاعد الكلية، لكن في بعض التخصصات ثمة تمييز واضح كما في المقاعد الطبية، وهي أقل من تلك المخصصة "لأردنيي الداخل"، وهذا يجعل أبناء المغتربين يلجأون إلى "التعليم الموازي"، وهنا أيضاً قصة بحد ذاتها، إذ يوجد تمييز في الرسوم، وخاصة في الجامعات الحكومية فتجد الطالب الأردني الحاصل على التوجيهي من الخارج يدفع زيادة على الرسوم المقررة التي يدفعها الحاصل على التوجيهي الأردني بنسبة الربع.
وفيما يتعلق بالضمان الاجتماعي فهو يكون فقط عن طريق الاشتراك الاختياري، وأي انقطاع سيتأثر به الراتب التقاعدي للمغترب بعد الوصول إلى السن القانونية للحصول على الراتب، وهذا ينطبق حتى على المعارين والمجازين.
وفي الشأن الجمركي، أيضاً هناك غبن كبير يقع على الأردني المغترب. بعض الدول العربية تولي أبناءها المغتربين اهتماماً أكبر وتقدم لهم خدمات جليلة إيماناً واعترافاً بالدور الذي يقومون به، خذ مصر مثلاً، مؤخراً قررت أن تمنح أبناءها المغتربين وهم بالملايين إعفاءات جمركية للسيارات وفق شروط محددة، فهل يضير حكومتنا أن تقدم للمغتربين الأردنيين ذات الخدمة؟، وهو قرار سيساهم في إنعاش السوق المحلي في أكثر من جانب.
بالمناسبة المغترب الأردني "مضروب بحجر كبير"، فالحال في بلاد الغربة لم يعد كما كان في السابق "قمراً وربيعاً"، والكل يذكر نسبة الأردنيين الذين عادوا إلى البلد بسبب أزمة كورونا، وهو ما شكل عبئاً كبيراً على الطرفين، بيد أن الخاسر الأبرز كان المغترب نفسه الذي عاد ولم يجد له عملاً، فيما الدولة تندب حظها بسبب تراجع الحوالات كل عام.
لا بد من اتخاذ خطوات من شأنها توثيق صلات المغتربين الأردنيين بوطنهم وتعزيز مشاركاتهم في مسيرة التنمية وزيادة التواصل معهم للتعرف على القضايا المتعلقة بشؤونهم ومصالحهم.